الاستقرائي، فإنّه لا يكفي لتبريره منطقياً مبدأ عدم التناقض، ولا يمكن على أساس هذا المبدأ تفسير القفزة التي يصطنعها الدليل الاستقرائي في سيره من الخاصّ إلى العامّ، وما تؤدّي إليه من ثغرة في تكوينه المنطقي.
ونحن في هذا الكتاب إذ نحاول إعادة بناء نظريّة المعرفة على أساس معيّن، ودراسة نقاطها الأساسيّة في ضوء يختلف عمّا تقدّم في كتاب (فلسفتنا) سوف نتّخذ من دراسة الدليل الاستقرائي ومعالجة تلك الثغرة فيه أساساً لمحاولتنا هذه.
وعلى هذا الأساس سوف نقسّم بحوث هذا الكتاب إلى أربعة أقسام:
القسم الأوّل: يشتمل على استعراض لموقف المذهب العقلي الذي يمثّله المنطق الأرسطي من الدليل الاستقرائي وطريقته في علاج الثغرة التي ألمحنا إليها. وفي هذا القسم نوضّح عجز المنطق الأرسطي عن إعطاء تفسير مقبول للدليل الاستقرائي ووضع أساس منطقي لتبرير تلك الثغرة فيه.
القسم الثاني: يشتمل على استعراض الموقف الذي اتّخذه المذهب التجريبي من الاستقراء ودراسته بمختلف اتجاهاته. وفي هذا القسم نوضّح أنّ المذهب التجريبي لا يمكنه أن يقدّم لنا التفسير الأساسي للدليل الاستقرائي.
والقسم الثالث: هو القسم الموسّع والأساس من الكتاب. وفي هذا القسم نفسّر الدليل الاستقرائي على أساس الاحتمال. ويشتمل هذا القسم على بحثين:
أوّلًا: البحث عن نظرية الاحتمال وصياغتها بالطريقة التي تجعلها صالحة لكي تكون أساساً للدليل الاستقرائي.
وثانياً: البحث في تفسير الدليل الاستقرائي على ضوء نظرية الاحتمال.
وهذا البحث يشتمل على فصلين:
الأوّل: في تطبيق نظريّة الاحتمال على المرحلة الاولى من الدليل‏