أشرنا إلى أنّ الدليل الاستقرائي في مرحلته الاولى يكون دليلًا استنباطياً، وسوف نجد عند شرح ذلك كيف أنّ الدليل الاستقرائي في هذه المرحلة يسير وفقاً لمناهج الاستنباط التي تقوم على أساس التوالد الموضوعي، فلا يوجد في الدليل الاستقرائي في مرحلته الاولى أيّ قفزة من الخاصّ إلى العامّ، أو أيّ ثغرة عقليّة.
ولكن هذه المرحلة من الدليل الاستقرائي- كما سوف تعرف- لا تستطيع أن تصل بالمعرفة المستدلّة استقرائيّاً إلى مستوى اليقين، وإنّما تقتصر على منحها أكبر درجة من الاحتمال، لكي تصل بعد ذلك إلى مستوى العلم على يد المرحلة الثانية من الدليل الاستقرائي.
ويرتبط المنهج الاستنباطي الذي يتّخذه الدليل الاستقرائي في المرحلة الاولى ارتباطاً أساسياً بنظرية الاحتمال، ولهذا نجد من الضروري أن نتحدّث أوّلًا عن نظرية الاحتمال، وبعد تكوين فكرة موسّعة عن نظرية الاحتمال وتفسيره نستعرض المنهج الاستنباطي الذي يتّخذه الدليل الاستقرائي في المرحلة الاولى، ونوضح كيف أنّ هذا المنهج ليس إلّاتطبيقاً للمبادئ العامّة التي اتّفقنا عليها في نظريّة الاحتمال.
موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره، ج‏2، ص: 172
وعلى هذا الأساس سوف نبدأ الآن بدراسة نظرية الاحتمال تمهيداً لتفسير المرحلة الاولى من الدليل الاستقرائي.