العقليّة القبليّة التي تنفي تكرّر الصدفة النسبيّة على الخطّ الطويل.
وبكلمة مختصرة: إنّ المذهب العقلي الذي يمثّله المنطق الأرسطي حاول أن يفسّر جميع العلوم والمعارف التي يعترف بصحّتها من الناحية المنطقيّة بأ نّها: إمّا أن تكون معارف أوليّة تعبّر عن الجانب العقلي القبلي من المعرفة البشريّة، وإمّا أن تكون مستنتجة من تلك المعارف على أساس طريقة التوالد الموضوعي.
وخلافاً لذلك يؤمن المذهب الذاتي في المعرفة بأنّ الجزء الأكبر من تلك العلوم والمعارف- التي يعترف المنطق الأرسطي بصحّتها من الناحية المنطقيّة- مستنتج من معارفنا الأوّلية بطريقة التوالد الذاتي لا الموضوعي.
فهناك في رأي المذهب الذاتي معارف أوّلية تشكّل الجزء العقلي القبلي من المعرفة، وهو الأساس للمعرفة البشريّة على العموم.
وهناك معارف ثانوية مستنتجة من معارفنا السابقة بطريقة التوالد الموضوعي.
وهناك معارف ثانوية مستنتجة من معارفنا السابقة بطريقة التوالد الذاتي:
ومثال المعارف الأوّلية: مبدأ عدم التناقض الذي يعتبره المذهب الذاتي- وفاقاً للمذهب العقلي- معرفة عقلية قبلية.
ومثال المعارف الثانوية المستنتجة بطريقة التوالد الموضوعي: نظريات الهندسة الإقليدية المستنتجة من بديهات تلك الهندسة بطريقة التوالد الموضوعي.
ومثال المعارف الثانوية المستنتجة بطريقة التوالد الذاتي: كلّ التعميمات الاستقرائية، فإنّ التعميم الاستقرائي مستنتج من مجموعة أمثلة وشواهد لا يوجد أيّ تلازم بينها وبين ذلك التعميم، فالعلم بالتعميم ينشأ عن طريق العلم بتلك الأمثلة والشواهد على أساس التوالد الذاتي.