الشمس طالعة، أو أنّ المساوي لأحد المتساويين مساوٍ للآخر أيضاً، نميّز بين عنصرين: أحدهما: الإدراك، وهو الجانب الذاتي من المعرفة، والآخر: القضيّة التي أدركناها، ولها- بحكم تصديقنا بها- واقع ثابت بصورة مستقلّة عن الإدراك، وهذا هو الجانب الموضوعي من المعرفة.
والتوالد الموضوعي يعني: أ نّه متى ما وجد تلازم بين قضيّة أو مجموعة من القضايا وقضيّة اخرى، فبالإمكان أن تنشأ معرفتنا بتلك القضيّة من معرفتنا بالقضايا التي تستلزمها، فمعرفتنا ب «أنّ خالداً إنسان، وأنّ كلّ إنسان فانٍ» تتولّد منها معرفة ب «أنّ خالداً فانٍ». وهذا التوالد موضوعي؛ لأنّه نابع عن التلازم بين الجانب الموضوعي من المعرفة المولّدة والجانب الموضوعي من المعرفة المتولّدة.
وهذا التوالد الموضوعي هو الأساس في كلّ استنتاج يقوم على القياس الأرسطي؛ لأنّ النتيجة في القياس دائماً ملازمة للمقدّمات التي يتكوّن منها القياس، فتنشأ معرفتنا بالنتيجة من معرفتنا بالمقدّمات على أساس التوالد الموضوعي والتلازم بين القضايا المستدَلّ ببعضها على البعض الآخر بصورة قياسيّة.
والتوالد الذاتي يعني: أنّ بالإمكان أن تنشأ معرفة ويولد علم على أساس معرفة اخرى، دون أيّ تلازم بين موضوعَي المعرفتين، وإنّما يقوم التوالد على أساس التلازم بين نفس المعرفتين. فبينما كان المبرّر لنشوء معرفة من معرفة اخرى في حالات التوالد الموضوعي هو التلازم بين الجانبين الموضوعيين للمعرفة، وكان التلازم بين الجانبين الذاتيين للمعرفة تابعاً للتلازم بين الجانبين الموضوعيين، نجد في حالات التوالد الذاتي: أنّ المبرّر لنشوء معرفة من معرفة اخرى هو التلازم بين الجانبين الذاتيين للمعرفة، وأنّ هذا التلازم ليس تابعا