عليها إيجاباً ولا سلباً[1].

وهنا نريد أن نعرف: هل بالإمكان أن نجعل من التجربة مرجّحاً للاعتقاد بهذه القضيّة وسبباً لتدعيم احتمال صدقها؟

ويبدو أنّ (هيوم) لا يرى ذلك ممكناً؛ لأنّه لا يتصوّر: أنّ بالإمكان الاستناد إلى التجربة والخبرة الحسيّة لإثبات شي‏ء إلّاإذا كان ذلك الشي‏ء قد ظهر مباشرة في خبرتنا الحسيّة وتمثّل في انطباعنا الحسّي، وحيث أنّ خبرتنا الحسيّة بالحرارة والتمدّد لم تنطبع عليها صفة الضرورة، ولم يتمثّل فيها إلّاتعاقب الحادثتين، فلا سبيل إلى الاستدلال على الواقع الموضوعي للعليّة عن طريق التجربة والخبرة الحسيّة.

ولكنّنا سوف نشرح في القسم الثالث من الكتاب- إن شاء اللَّه- كيف يمكن على ضوء النظريّة الجديدة لهذا الكتاب أن ندعم احتمال أنّ العليّة واقع موضوعي، ونثبت هذه القضيّة بالتجربة والخبرة الحسيّة، دون أن نضيف إلى التجربة في مجال الاستدلال على تلك القضيّة أيّ إضافة اخرى لا يقرّها (هيوم)، وبتعبير آخر: إنّ البحث المقبل سوف يكشف عن إقامة دليل الواقع الموضوعي‏

 

[1] أتجاوز في هذه النقطة عن المنطق الوضعي الذي يرفض بطبيعته قبول تلك القضيّة، حتّى بوصفها قضيّة محتملة؛ لأنّ أيّ قضيّة لا يمكن أن تشير إلى شي‏ء يقع في خبرتنا الحسيّة لا معنى لها في المنطق الوضعي، وهي بالتالي ليست قضيّة من الناحية المنطقيّة، وإن كانت بشكل قضيّة من الناحية النحويّة. وعلى هذا الأساس تكون القضيّة التي تتحدّث عن الضرورة بين التمدّد والحديد فارغة لا معنى لها.

وسوف ندرس النقاط الرئيسيّة في المنطق الوضعي ونناقشها في القسم الأخير من هذا الكتاب، ونتعرّف على مواضع الخطأ في المقاييس التي وضعها المنطق الوضعي للقضيّة من الناحية المنطقيّة( المؤلّف قدس سره)