ب- وكلّ ماهيّة ممكنة لا يمكن أن تجب إلّابسبب خارجي؛ لأنّ معنى كونها ممكنة أنّ نسبتها إلى الوجود والعدم متساوية، ومعنى الوجوب تَرَجُّح نسبتها إلى الوجود. فما لم يفترض وجود شيء آخر تستمدّ منه الوجوب تظلّ نسبة التساوي إلى الوجود والعدم ثابتة.
ونستخلص من هذين الأمرين: أ نّه ما دام الوجود مساوقاً للوجوب، وما دام وجوب الماهيّة الممكنة لا يمكن أن ينشأ إلّامن سبب خارجي، فمن الطبيعي أ نّها لا توجد إلّابسبب خارجي[1].
وهذه الحجّة تشتمل على نفس الخلل المنطقي الذي اكتشفناه في الحجّة السابقة؛ لأنّنا حين نأخذ الفقرة الاولى في هذه الحجّة- وهي الفقرة القائلة: «إنّ الماهيّة الممكنة لا توجد ما لم يجب وجودها»- ونتبع طريقة الفيلسوف الذي ساق تلك الحجّة في إثبات محتوى هذه الفقرة، نجد أ نّه قد برهن على هذه الفقرة بمبدأ العليّة، بينما هو يستخدمها هنا كجزء من الحجّة التي يستدلّ بها على هذا المبدأ.
ولتوضيح ذلك نتساءل: لماذا لا توجد الماهيّة الممكنة ما لم يجب وجودها؟
والفيلسوف العقلي يجيب على هذا السؤال عادةً: بأنّ الماهيّة الممكنة إذا وجدت علّتها فإمّا أن تكتسب منها الوجوب، وإمّا أن لا تكتسب ورغم ذلك توجد، والأوّل هو المطلوب، والثاني يعني: أنّ الماهيّة الممكنة من الجائز أن توجد رغم عدم وجوبها وتساوي نسبتها إلى الوجود والعدم، وهذا يؤدّي إلى إمكان وجود الماهيّة بدون علّة رأساً، إذ لو جاز أن توجد في حالة وجود العلّة مع
[1] اصول فلسفه و روش رئاليسم للسيّد الطباطبائي 3: 180