الموجودة في الانطباع، وبذلك تنتعش وتصبح اعتقاداً. فالفارق الأساس بين الاعتقاد والخيال: أنّ الاعتقاد فكرة اكتسبت شيئاً من حيويّة الانطباع وقوّته، والخيال فكرة لم تكتسب شيئاً من ذلك.
أمّا كيف تكتسب الفكرة شيئاً من حيويّة الانطباع وقوّته؟ فهذا يتوقّف:
أوّلًا: على أن يوجد انطباع حيّ لموضوع مّا (أو فكرة من أفكار الذاكرة التي عرفنا سابقاً أ نّها تتمتّع بالحيويّة أيضاً كالانطباعات).
وثانياً: على أن يكون ذلك الموضوع الماثل انطباعه في الذهن مقترناً عادة بشيء آخر، فينتقل الذهن من ذلك الموضوع إلى الشيء الآخر على أساس النزعة الذاتيّة التي يولّدها الاقتران المتكرّر. فإذا توفّر هذان الأمران اكتسبت فكرة هذا الشيء الآخر الحيويّة والقوّة من ذلك الانطباع الذي دفع الذهن نحوها، وبذلك تصبح اعتقاداً.
وهكذا نعرف: أنّ الاقتران المتكرّر بين (أ) و (ب) يجعل الذهن ينتقل بحكم نزعته الذاتيّة من (أ) إلى (ب). فإن كان (أ) متمثّلًا في انطباع حيّ فسوف تنعكس حيويّته على فكرة (ب)، وإذا كان (أ) مجرّد فكرة فسوف يتيح للذهن الانتقال إلى فكرة (ب)، ولكنّها لن تكون اعتقاداً؛ لعدم تسرّب الحيويّة والقوّة إليها من انطباع حيّ وقويّ. وهذا هو معنى أنّ فكرتنا عن تمدّد الحديد تظلّ فكرة إلى أن يوجد في ذهننا انطباع عن وجود الحرارة فيه، فتتسرّب الحيويّة من هذا الانطباع إلى تلك الفكرة فتصبح اعتقاداً.
هذا تلخيص للنقاط الرئيسيّة التي تحدّد موقف (دافيد هيوم) من مشكلة الاستقراء وطريقته في تفسير الدليل الاستقرائي وتبرير الاعتقاد بالقضايا المستدلّة بالاستقراء.