«ينزح منها دلاءً يسيرةً ثمّ يتوضّأ بها»[1]. فإنّ هذه الرواية بقرينة الأمر بنزح دلاءٍ يسيرةٍ لا يمكن حملها على فرض التغيّر، وبقرينة السؤال عن الوضوء يكون ظاهر السؤال النظر إلى الانفعال وعدمه، فيكون الأمر بالنزح ظاهراً في الإرشاد إلى النجاسة.
وكذلك رواية عليّ بن يقطين، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: سألته عن البئر تقع فيها الحمامة، والدجاجة، أو الكلب، أو الهرّة، فقال: «يجزيك أن تنزح منها دلاءً، فإنّ ذلك يطهّرها إن شاء اللَّه»[2]. فإنّ قوله: «يطهّرها» ظاهر في انفعال البئر بالملاقاة قبل النزح.
ومثلهما رواية إسماعيل بن بزيع، قال: كتبت إلى رجلٍ أسأله أن يسأل أباالحسن الرضا عليه السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء، فتقطر فيها قطرات من بولٍ أو دم، أو يسقط فيها شيء من عذرةٍ كالبعرة أو نحوها، ما الذي يطهّرها حتّى يحلّ الوضوء منها للصلاة؟ فوقّع في كتابي بخطّه: «ينزح دلاء منها»[3]. فإنّ قول السائل: «ما الذي يطهّرها؟» ظاهر في أنّ نظره إلى الطهارة والنجاسة، ولا معنى لحمل الجواب على فرض التغيّر الذي لا يحصل عادةً بالقطرات.
فيقع الكلام حينئذٍ في علاج التعارض بين الطائفتين،
ويمكن تصوير ذلك بوجوه:
الوجه الأوّل: حمل النجاسة في الطائفة الثانية على مرتبةٍ ضعيفةٍ لا تكون منشأً لآثار لزومية، بل تنزيهية، والنجاسة بهذا المعنى تجتمع مع الطهارة بالمعنى
[1] وسائل الشيعة 1: 193، الباب 21 من أبواب الماء المطلق، ذيل الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 1: 183، الباب 17 من أبواب الماء المطلق، الحديث 2
[3] وسائل الشيعة 1: 176، الباب 14 من أبواب الماء المطلق، الحديث 21