الصبّ دخيلًا بعنوانه في التطهير يصلح بنفسه قرينةً على أنّ مورد الاشتراط هو الماء الذي يكون وروده على المتنجّس عادةً بنحو الصبّ، فبيّن اشتراط الورود بلسان الأمر بالصبّ، وهذا إنّما هو في الماء القليل المحقون، فإنّ وروده عادةً على المتنجّس إنّما يكون بالصبّ دون ماء المطر الذي كثيراً ما يرد على المتنجّس بنفس تقاطره من السماء. فبهذه القرينة لا يكون للأمر بالصبّ إطلاق يقتضي اشتراط ورود الماء عند الغسل بماء المطر، بل يكون وارداً في مورد الغسل بالقليل المحقون.
ألّلهمّ إلّاأن يقال: إنّ غلبة كون الورود بنحو الصبّ في نوع الماء القليل تكفي للتعبير عن اشتراط الورود بلسان الأمر بالصبّ في الماء القليل مطلقاً حتّى المطر منه. ولكنّه لا يخلو من إشكال.
الجهة الثالثة:
في اعتبار التعدّد في الثوب المتنجّس بالبول، المستفاد من الأمر بغسله مرّتين في رواية محمد بن مسلم ورواية ابن أبي يعفور[1]. والظاهر أنّ مدرك ذلك له إطلاق يشمل تمام المياه، وغاية ما خرج عنه الماء الجاري بلحاظ صحيحة محمد بن مسلم[2]. فيبقى ماء المطر تحت إطلاقه، ولا يعارضه إطلاق في دليل مطهّرية المطر؛ لأنّ مرسلة الكاهليِّ وإن كانت صالحةً للدلالة على عدم اعتبار التعدّد ولكنّها ساقطة سنداً.
وصحيحة هشام بن سالم: إن جعل قوله فيها: «لا بأس به ما أصابه من الماء أكثر» ناظراً إلى الحكم بنفي البأس عن الماء، وتعليل ذلك بالأكثرية المساوقة لعدم التغيّر، فلا يكون فيه دلالة على كفاية الإصابة مطلقاً في حصول
[1] وسائل الشيعة 3: 395، الباب 1 من أبواب النجاسات، الحديث 1 و 2
[2] وسائل الشيعة 3: 397، الباب 2 من أبواب النجاسات، الحديث 1