النزول طاهراً، ولا يدلّ على استمرار الطهارة بعد ذلك.
ورابعاً: أنّ الطهوريّة من المحتمل أن تكون بمعنى المطهّرية، كما تقدّم في موضعه، ومعه لا تكون الآية متكفّلةً للطهارة ولا دالّةً عليها، على كلامٍ سبقت الإشارة إليه في أوّل الكتاب[1]. الوجه الثالث: أنّ التعارض مستحكم، ولا يمكن الترجيح على أساس موافقة الكتاب، فيتعيّن إعمال المرجِّح الثاني، وهو مخالفة العامّة، وهذا المرجِّح في صالح أخبار الطهارة والاعتصام؛ لأنّ العامّة- على ما نقل السيّد الاستاذ[2]– متّفقون على انفعال ماء البئر بالملاقاة، ولهذا حمل الأخبار الدالّة على النجاسة، أو الآمرة بالنزح على التقية.
ويرد عليه:
أوّلًا: ما تقدّم من عدم استحكام التعارض؛ لوجود الجمع العرفيّ.
وثانياً: أنّ حمل الأخبار الدالّة على النزح أو النجاسة بألسنتها المختلفة على التقية بعيد جدّاً؛ وذلك لكثرتها البالغة إلى حدّ التواتر إجمالًا، وكونها أكثر بمراتب من الروايات الدالّة على الاعتصام. ومن الواضح أنّ التقية قد تَعْرِض للإمام عليه السلام، ولكنّ عروضها بهذا الشكل المستمرّ المتكرّر مع اختلاف الأحوال والرواة وطرق الأداء، بحيث يفوق البيانات الجدّية بمراتب، دون أن يكون فيها إشارة أو تعريض إلى كون الحال حال تقية، وعدم تكفُّل الأخبار الدالّة على الاعتصام شيئاً من الإشارة أو التعريض بذلك.
أقول: إنّ ذلك مستبعد جدّاً لمن لاحظ الأحاديث الواردة تقيةً في الفقه
[1] تقدّمت في الجزء الأوّل: الصفحة 36
[2] التنقيح 1: 284