وعلى الثاني فهل يفرّق بين اختلاف السطوح بنحو التسنيم[1] وبنحو التسريح، أو يبنى على الوحدة مطلقاً؟
والصحيح: هو انحفاظ الوحدة مع الاتّصال مطلقاً في جميع تلك الصور، حتّى مع اختلاف السطوح بنحو التسنيم وجريان الماء؛ لأنّ الاتّصال يعتبر ميزاناً عرفاً للوحدة في الماء.
وذهاب كثيرٍ من الفقهاء إلى عدم الوحدة في فرض اختلاف السطوح مع الجريان لا يصلح شاهداً لذلك، بدعوى: أنّ نظرهم يكشف عن انثلام الوحدة عرفاً بهذا الاختلاف، وذلك لأنّ الظاهر أنّ الاعتقاد بانثلام الوحدة في الفرض المذكور نشأ من ملاحظة عنوان الماء الواحد بما هو موضوع لأحكامٍ معيّنة، من قبيل الحكم بالاعتصام، وفي ظلّ ملاحظةٍ من هذا القبيل ليس بعيداً أن يرى عدم انطباق العنوان على الماء الجاري بلحاظ عاليه وسافله معاً، غير أنّ عدم الانطباق هذا لا يتعيّن أن يكون بسبب عدم صدق الوحدة عرفاً على المجموع من السافل والعالي، بل لعلّه بلحاظ مناسبات الحكم والموضوع الارتكازية، لأنّنا حينما نلحظ العنوان بما هو موضوع في دليلٍ لحكمٍ مخصوصٍ- كالاعتصام مثلًا- فسوف يتحكّم في فهمنا له مناسبات الحكم والموضوع المركوزة في الذهن، فقد لا ينطبق بما هو موضوع لذلك الحكم على فرد، ولكنّه إذا لوحظ في نفسه كان منطبقاً عليه.
وكلامنا الآن في تحقيق الشرط الأوّل- وهو وحدة الماء- بقطع النظر عمّا يقتضيه مناسبات الحكم والموضوع. ومن الواضح بهذا اللحاظ عدم تعدّد الماء،
[1] سَنَّمَ الشيءَ وتسنّمه: علاه، وكلّ شيءٍ علا شيئاً تسنّمه، والتسنيم خلاف التسطيح. لسان العرب 12: 306 و 307( مادّة سنم)