بالقليل، كما هو المختار على ما يأتي إن شاء اللَّه تعالى.
وأمّا إذا سلّمنا الاعتبار المذكور فيتّجه البحث في المقام، سواء قيل بأنّ العصر بعنوانه يكون شرطاً في تطهير الأجسام القابلة للعصر، أو قيل باعتباره بماهو طريق إلى انفصال ماء الغسالة في تلك الأجسام خاصّةً، أو قيل بإرجاعه إلى شرطٍ عامٍّ، وهو انفصال ماء الغسالة في مطلق الأشياء: ما يقبل العصر منها ومالا يقبل، فإنّه- على كلّ تقديرٍ- يقع الكلام في شمول الحكم باعتبار العصر لمورد الغسل بماء المطر، والكلام في ذلك يقع في ثلاث مراحل:
المرحلة الاولى: في وجود إطلاقٍ لدليل شرطية العصر يشمل ماء المطر.
وتفصيل ذلك: أنّ مدرك هذه الشرطية إن كان هو دعوى تقوُّم عنوان الغسل بالعصر فالمدرك له إطلاق لماء المطر، إذ لا فرق في هذه المقوِّمية بين ماءٍ وماء.
فمثل قوله: «لا تُصَلِّ فيه حتّى تغسله»[1] دالّ على عدم الطهارة إلّابالغسل المتقوِّم بالعصر مطلقاً، فيثبت بهذا الإطلاق اعتبار العصر في ماء المطر أيضاً.
وإن سلّم وجود الإطلاق في دليل مطهّرية الغسل وعدم تقوّمه بالعصر وادُّعِيَ أنّ اعتبار العصر بسبب المقيّد، فإن كان هذا المقيّد هو الإجماع فلا يشمل المطر؛ لأنّ المتيقّن منه الماء غير المعتصم.
وإن كان المقيّد ما يلاحظ في بعض الروايات من جعل الغسل مقابلًا للنضح والصبّ الكاشف عن أخذ عنايةٍ زائدةٍ في الغسل شرعاً، مع دعوى أنّ هذه العناية الزائدة هي العصر، فهذا المقيّد لا شمول فيه لماء المطر؛ لأنّ تلك الروايات واردة في مورد الغسل بالقليل، على ما يأتي[2] توضيحه في الجهة السابعة.
[1] وسائل الشيعة 3: 432، الباب 20 من أبواب النجاسات، الحديث 8
[2] سيأتي في الصفحة 35