المرحلة الثانية: أ نّه لو سلّم الإطلاق في دليل شرطية العصر بنحوٍ يشمل ماء المطر، فهل في دليل مطهّرية المطر إطلاق يقتضي عدم اشتراط العصر بنحوٍ يتعارض الدليلان، أوْ لا؟
وما قد يقال فيه ذلك: إمّا مرسلة الكاهليّ «كلّ شيءٍ يراه ماء المطر فقد طهر»[1]. وإمّا التعليل في صحيحة هشام بن سالم، حيث قال: «إنّ ما أصابه من الماء أكثر منه»[2]، إذ قيل[3]: إنّ مقتضى التعليل جعل مجرّد الإصابة كافياً في حصول التطهير، والإصابة غير متقوِّمةٍ بما يتقوَّم به الغسل من انفصال ماء الغسالة، وهذا يعني عدم اعتبار العصر.
أمّا مرسلة الكاهليّ فهي ساقطة سنداً.
وأمّا التعليل في الصحيحة فتوضيح الحال فيه: أنّ قوله: «ما أصابه من الماء أكثر» تعليل لقوله: «لا بأس به»، وحينئذٍ فإمّا أن يقال بأنّ مرجع الضمير المجرور في «لا بأس به» هو الماء النازل من السطح الواقع على الثوب، كما التزم بذلك في محلّه من تمسّك في المقام بالتعليل. وإمّا أن يقال بأنّ مرجع هذا الضمير هوالسطح.
فعلى الأوّل تكون جملة «لا بأس به» بياناً لطهارة الماء النازل من السطح، ويكون التعليل تعليلًا لطهارة الماء النازل، لا لمطهّرية الماء للسطح، فكأنّ المقصود بالتعليل رفع استبعاد أنّ ماء المطر لم ينفعل رغم وقوعه على أرضٍ تكثر عليها النجاسات؛ وذلك ببيان: أنّ الماء أكثر منها ولم يتغيّر بها، فلا ينفعل بها،
[1] وسائل الشيعة 1: 146، الباب 6 من أبواب الماء المطلق، الحديث 5
[2] نفس المصدر، الحديث 1
[3] التنقيح 1: 267