وهذا التقريب غير تامٍّ- بناءً على عدم انفعال الماء القليل بالمتنجّس الخالي من عين النجس- لأنّ السطح بعد انقطاع المطر عنه: إن كان محتوياً على عين النجس بالفعل فلا إشكال في عدم طهارته، وإن لم يكن محتوياً على ذلك ولوباعتبار استهلاك ما كان عليه من بولٍ في ماء المطر حال تقاطره من السماء فلا يكون ماء المطر بعد انقطاع التقاطر من السماء ملاقياً مع عين النجس، بل مع المتنجّس على تقدير بقاء السطح على نجاسته، فلا يلزم من عدم فرض طهارة السطح نجاسة الماء النازل منه ما دام الماء القليل لا ينفعل بملاقاة المتنجّس.
وعلى كلا التقديرين لا إشكال في دلالة نفي البأس على اعتصام ماء المطر؛ لأنّ المفروض في مورد الرواية ملاقاته للسطح الذي يبال عليه، وهو يقتضي أحياناً ملاقاة الماء لنفس البول.
فإذا كان المنفيّ عنه البأس مباشرةً في قوله: «لا بأس به» هو الماء النازل أو الثوب دلّ على طهارة هذا الماء ولو كان ملاقياً للنجس، وهو معنى الاعتصام.
وإذا كان المنفيّ عنه البأس مباشرةً هو السطح فلا إشكال أيضاً في دلالة قوله: «لا بأس به» على نفي المحذور فيما فرضه السائل بتمام مراحله من السطح والماء النازل والثوب، إذ لو كان الماء النازل والثوب نجسين مع ارتفاع النجاسة عن السطح لم يكن معنىً لاقتصار الإمام عليه السلام في مقام الجواب على نفي البأس عن السطح وعدم التعرّض لنجاسة الماء النازل والثوب، فالقول المذكور يدلّ أيضاً على طهارة الماء النازل ضمناً، وبذلك يثبت الاعتصام.
وقد يستشكل في الاستدلال بالرواية المذكورة: بأنّ نفي البأس الذي هو محطّ الاستدلال قد علِّل: بأنّ ما أصاب السطح من ماءٍ أكثر من البول، وهذا يعني: أنّ مناط اعتصام ماء المطر أو مطهّريته مجرّد أكثريته من البول ولو مع انحفاظ البول أو تغيّر الماء به، ومع وضوح عدم إمكان الالتزام بذلك وبطلانه