وجوده المباشريّ يشمل أيضاً وجوده التسبيبي، فكما أنّ خطاب «لا تقتل» يشمل تحريم إثارة الحيوان أو الطفل على إنسان ليقتله كذلك خطاب «لا تشرب النجس» يشمل التسبيب إلى الشرب المذكور.
ويرد عليه: أنّ مادّة الفعل المدخول للنهي: تارةً لا تكون مضافةً إلى المخاطب المكلّف إلّابإضافة الفاعلية، كما في القتل. واخرى تكون مضافةً أيضاً بإضافة المَوْردية، كما في شرب النجس، فإنّ المكلّف ليس مجرّد فاعلٍ له، بل هو مورد له. وفي مثل ذلك لا معنى لدعوى التمسّك بإطلاق المادّة لإثبات حرمة الوجود التسبيبيّ أيضاً، كما إذا سبّب المكلّف إلى شرب الغير للنجس؛ لأنّ عدم شمول الحرمة لمثل ذلك لا لأنّه مستند تسبيباً إلى المكلّف المسبّب حتّى يقال: إنّ المباشرة ليست قيداً في الحرام، بل لأنّ الشرب ليس شربه، وليس هو مورداً له، فالحرام على المكلّف شربه للنجس، فمتى أوجد شربه للنجس- ولو تسبيباً- فقد أوجد ما هو محرّم عليه. وأمّا إيجاده لشرب غيره للنجس فليس مصداقاً للمادّة المنهيّ عنها حتّى يشملها إطلاق النهي.
وأمّا الكلام في ما يقتضيه الخطاب الآخر المتوجّه إلى المباشر فقد يُقرَّب استفادة المنع عن التسبيب منه بأحد تقريبين:
الأوّل: أنّ الخطاب المتوجّه إلى المباشر يكشف عن غرضٍ لزوميٍّ للمولى في تركه لشرب النجس، والغرض اللزوميّ للمولى واجب التحصيل على جميع العبيد، فيلزم على الآخر أن لا يسبّب إلى تفويت ذلك الغرض.
ويرد عليه: أنّ الغرض اللزوميّ قابل للتبعيض من حيث اللزوم حسب أنحاء عدمه وتفويته، فقد يكون بعض أنحاء تفويته غير مرضيٍّ به دون البعض الآخر حسب درجة اهتمام المولى بذلك الغرض اللزومي، والكاشف عن ذلك هو الخطاب، والخطاب المتوجّه إلى المباشر لا يكشف عن إباء المولى فعلًا عن