الاستدلال بها على أن تكون موجودةً في عصر الأئمّة عليهم السلام؛ لأنّ تحقيقها للموضوع أمر تكويني. وأمّا السيرة المستدلّ بها على أصل الحكم فيتوقّف الاستدلال بها على إثبات إمضاء الشارع لها، وهو يستكشف من عدم الردع، غيرأنّ عدم الردع إنّما يكشف عن الإمضاء فيما إذا كانت السيرة موجودةً فيعصرهم عليهم السلام، وأمّا مع عدم وجودها فلا يكون سكوتهم كاشفاً عن الإمضاء.
وحينئذٍ يقع الكلام في أنّ كاشفية السكوت وعدم الردع عن الإمضاء هل يكفي فيها الوجود الارتكازيّ للسيرة، بمعنى وجود النكتة التي تدعو العقلاء إلى الجري على وجهٍ مخصوص لو توفّر الموضوع، أو تتوقّف على الوجود الفعليّ والتطبيقيّ للسيرة؟
فعلى الأوّل يتمّ الاستدلال بالسيرة في المقام على ثبوت الكرّية بإخبار صاحب اليد.
وعلى الثاني لا يتمّ؛ لعدم إحراز الوجود التطبيقيّ للسيرة على نطاقٍ واسعٍ في عصر الأئمّة عليهم السلام. بل يقع الإشكال على الثاني في الاستدلال بكثيرٍ من السِيَر العقلائية فيما يستجدّ من أفراد نكاتها الارتكازية. فالسيرة على التملّك بالحيازة لها نكتة تشمل تملّك الطاقة الكهربائية بالحيازة، أو تملّك غاز الاوكسجين بها مثلًا، ولكن ليس لها في مجال أمثال هذه الأموال المستجدّة تطبيقات فعلية معاصرة للأئمّة عليهم السلام. فمن يشترط في الاستدلال بالسيرة على امتدادات النكتة العقلائية أن يكون على طبق الامتداد تطبيق فعليّ معاصر للأئمّة عليهم السلام ويستشكل من أجل ذلك في حجّية خبر صاحب اليد بالكرّية عليه أن يستشكل في الاستدلال بالسيرة على تملّك الكهرباء والغاز بالسيرة أيضاً، مع أنّي لا أظنّ التزامه بذلك.