وهذا البيان إذا لم يوجب الجزم باستظهار أنّ جهة السؤال هي الإجزاء وعدمه بعد فرض الثبوت فهو يوجب على الأقلّ احتمال هذا الاستظهار، فيسقط الاستدلال بالرواية، حتّى لو أمكن دفع الإيراد الأوّل بأ نّه مع عدم نصب السائل لقرينةٍ على اتّجاه نظره إلى إحدى الجهتين يكون الظاهر منه الاتّجاه إلى النتيجة، وهي وجوب الإعادة المتوقّف على مجموع الأمرين: من عدم الإجزاء، وثبوت النجاسة بالخبر، فيدل جواب الإمام عليه السلام بالإعادة على ثبوت كلا الأمرين، وأمكن رفع الإيراد الثاني بتصوير عَرْضية المدلولين، وكونهما مستفادين في رتبةٍ واحدةٍ بنحوٍ يمكن التفكيك بينهما في الحجّية.
ومنها: رواية إسماعيل بن عيسى، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوقٍ من أسواق الجبل، أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلماً غير عارف؟ قال: «عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك، وإذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه»[1]. وتقريب الاستدلال بها: أنّ الرواية فرضت عدم الاحتياج إلى السؤال معكون البائع مسلماً، ولزوم السؤال مع كون البائع غير مسلم، والرواية وإن لمتصرِّح بالمسؤول منه ولكن بالمناسبات العرفية يتعيّن في البائع، وهذا يقتضيتصديقه فيما يخبر به، وإلّا لما أجدى السؤال منه، وهو معنى قبول خبر صاحب اليد.
وإذا ثبت أنّ خبره حجّة في إثبات الطهارة يثبت بالأولويّة العرفية أ نّه حجّة في إثبات النجاسة؛ لأنّ صاحب اليد إذا كان يصدّق فيما هو في مصلحته من أوصاف الكمال لِمَالِه فتصديقه فيما هو على خلاف مصلحته من أوصاف المال
[1] وسائل الشيعة 3: 492، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحديث 7