وبعد توضيح الاحتمالات الأربعة نقول: إنّه يرد على الاستدلال بالرواية:
أوّلًا: أ نّه موقوف على الاحتمال الأوّل، مع أ نّه لا معيِّن لاستظهاره.
وثانياً: أ نّه حتّى لو سلّمنا الاحتمال الأوّل فلا يعلم من الرواية أنّ مغبّة السؤال المحتملة هل هي وجوب القبول التعبّدي لو أخبر البائع بالنجاسة، أو كونه في معرض حصول الاطمئنان له من إخباره؟ وليس الكلام مسوقاً لهذه الجهة ليتمسّك بإطلاقه.
هذا كلّه، إضافةً إلى أنّ الرواية ينبغي حملها على نحوٍ من التنزّه بعد معلومية طهارة الإنفحة.
ومنها: رواية ابن بكير المتقدّمة[1]: في رجلٍ أعار رجلًا ثوباً فصلّى فيه وهو لا يصلّي فيه، قال: «لا يُعلمه». قال: فإن أعلمه؟ قال: «يعيد».
والاستدلال بها: إمّا بلحاظ جملة «لا يعلمه» حيث إنّ النهي عن الإعلام إنّما هو بلحاظ وجوب القبول، وليس المراد بالإعلام إيجاد العلم، بل الإخبار، بقرينة أنّ هذا هو مايكون تحت اختيار البائع، فتنصرف مادّة الإعلام إلى الإخبار، فيدلّ على الحجّية التعبّدية لإخبار صاحب اليد. وإمّا بلحاظ الأمر بالإعادة الكاشف عن لزوم ترتيب الآثار على إخبار البائع، وهو معنى الحجّية.
وكلا اللحاظين في الاستدلال ممنوع.
أمّا اللحاظ الأوّل فيرد عليه: أنّ النهي عن الإعلام قد يكون من النهي فيمورد توهّم الوجوب، إذ قد يتوهّم وجوب الإعلام تخلّصاً من محذور التسبيب، فلا يدلّ النهي حينئذٍ إلّاعلى عدم محذورٍ في مثل هذا التسبيب، لا على الحجّية.
[1] وسائل الشيعة 3: 488، الباب 47 من أبواب النجاسات، الحديث 3