منها: ما قد يقال من استفادة مطهّرية ماء المطر للماء المتنجّس من صحيحة هشام بن الحكم المتقدّمة[1]، في ميزابين من بولٍ وماء مطر؛ لأنّ الاختلاط بين ميزابي المطر والبول يؤدّي عادةً- في مراحل سابقةٍ على استهلاك البول في المطر- إلى تغيّر بعض القطرات من الماء المجاورة للبول، ثمّ يزول عنها التغيّر بغلبة الماء، وحيث حكم في الصحيحة بطهارة الماء دلَّ ذلك على مطهّرية ماء المطر للماء المتنجّس.
ويرد على هذا التقريب: أنّ حصول التغيّر في بعض القطرات المجاورة للبول وإن كان هو مقتضى العادة غير أنّ الحكم بالطهارة في الرواية مطلق يشملصورة بقاء التغيّر وصورة زواله بالتفاعل بين الماء المتغيّر وغيره، وصورةضآلة الماء المتغيّر بنحوٍ زال تغيّره واستهلك في ماء المطر، كما هو الغالب؛ لغزارة ماء المطر الذي يجري من الميزاب عادةً، ولابدّ من الالتزام بخروج الصورة الاولى من إطلاق الصحيحة؛ لوضوح نجاسة الماء المتغيّر، وتبقى تحتها الصورتان الثانية والثالثة. وحينئذٍ يستفاد من إطلاق الحكم بالطهارة في الصحيحة للصورة الثانية كون ماء المطر مطهّراً للماء المتنجّس. وأمّا إطلاقه للصورة الثالثة فهو أجنبيّ عن مطهّرية المطر؛ لأنّ المفروض فيها استهلاك المتنجّس.
وعلى هذا الأساس تقع المعارضة بين إطلاق الحكم بالطهارة في الصحيحة للصورة الثانية وإطلاق دليل نجاسة الماء المتغيّر المقتضي لبقاء النجاسة حتّى بعد زوال التغيّر على تقدير تماميّته، والمعارضة بينهما بالعموم من وجه، وبعد التساقط يرجع إلى استصحاب النجاسة.
[1] وسائل الشيعة 1: 145، الباب 6 من أبواب الماء المطلق، الحديث 4