الثالثة: مادلّت على النهي عن الوضوء من سؤر الحائض المأمونة أيضاً.
ففي رواية العيص قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن سؤر الحائض؟ فقال:
«لا توضّأ منه، وتوضّأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة»[1]. فبقرينة التقييد في الجملة الثانية يعرف أنّ النهي في الجملة الاولى عن سؤر الحائض يشمل المأمونة أيضاً.
ومثلها رواية ابن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام أيتوضّأ الرجل من فضل المرأة؟ قال: «إذا كانت تعرف الوضوء، ولا تتوضّأ من سؤر الحائض»[2]. فإنّ تقييد الجملة الاولى بمعرفة الوضوء وإطلاق النهي عن سؤر الحائض في الجملة الثانية ظاهر عرفاً في النظر إلى تعميم النهي في الحائض، حتّى إلى من تعرف الغسل والتطهير.
وكلّ هذه الطوائف لا تدلّ على النهي عن غير الوضوء من سؤر الحائض، بل يدلّ بعضها على عدم النهي عن الشرب، فهي من هذه الناحية غير متنافية، وإنّما التنافي بلحاظ موضوعها، وكونه شاملًا للمأمونة أيضاً بالإطلاق في الاولى، وبالصراحة العرفية في الثالثة، ومقيّداً بعدمها في الثانية.
وعلاج ذلك: تارةً بالالتفات إلى الناحية السنديّة، واخرى مع افتراض صحة السند في الطوائف الثلاث.
أمّا مع الالتفات إلى ناحية السند فيزول الإشكال؛ لأنّ الطائفة الاولى فيها روايات تامّة سنداً، كرواية عنبسة المتقدمة بناءً على توثيقه برواية ابن أبي عمير عنه، ورواية عليّ بن جعفر التي نقلها صاحب الوسائل[3] عن كتابه، وغيرهما.
[1] وسائل الشيعة 1: 234، الباب 7 من أبواب الأسآر، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 1: 236، الباب 8 من أبواب الأسآر، الحديث 3
[3] وسائل الشيعة 1: 237، الباب 8 من أبواب الأسآر، الحديث 4