هذه هي محتملات العنوان في نفسه، فإذا اتّضحت نقول: إنّ الصحيح عدم إرادة المرتبة الرابعة من دليل اعتصام ماء المطر؛ وذلك:
أمّا أوّلًا: فلإمكان أن تكون الإضافة في ماء المطر بيانيةً، ومع كونها بيانيةً لا يكون للعنوان إطلاق بنحوٍ ينطبق على المرتبة الرابعة، ومادام ذلك محتملًا فلاأقلّ من الإجمال الموجب للاقتصار على القدر المتيقّن.
وأمّا ثانياً: فلأنّ القرينة العرفية قائمة على صرف العنوان عن المرتبة الرابعة، ولو فرض كون الإضافة نشوئيةً- وهي المناسبات الارتكازية للحكم والموضوع- فإنّ مجرّد الانتساب التأريخي إلى السماء لا يناسب عرفاً أن يكون ملاكاً للاعتصام، فنفس المناسبات العرفية الارتكازية تكون قرينةً على إرادة ماهو أخصّ من المرتبة الرابعة، ولو بجعل ظهور للإضافة في البيانية.
وعين هذا الكلام نقوله في مثل أدلّة اعتصام عناوين ماء النهر، أو ماء البحر، فإنّ ارتكازية عدم كون الانتساب التأريخيّ للبحر أو للنهر عاصماً بنفسها تكون قرينةً على ظهور الإضافة في البيانية.
وثالثاً: أ نّه لو قطع النظر عمّا تقدم وفرض الإطلاق بنحوٍ ينطبق العنوان على المرتبة الرابعة فهذا الإطلاق مقيّد بروايات الغدران المفصِّلة بين الكرّ والقليل؛ لأنّ ماء الغدير مشمول للمرتبة الرابعة، وقد حكم بانفعاله مع عدم الكرّية، لا بروايات انفعال الماء القليل مطلقاً بعد ضمّ دعوى أنّ كلّ ماءٍ ينشأ من المطر، كما قيل[1]؛ وذلك لوضوح أنّ المقصود من نشوء جميع المياه من المطر: نشوء المياه الأصلية الأوّلية، وإلّا فمن الواضح أنّ مياه الأنهار لم تنشأ فعلًا من المطر، وإنّما نشأت من ذوبان الثلوج التي يرجع أصلها إلى المطر.
[1] التنقيح 1: 223