التمسّك بمثل ذلك لنفي دخل الحالة السابقة؛ لأنّ مورد الرواية يستبطن عادةً انحفاظ الحالة السابقة وكونها هي الطهارة، فلا إطلاق لفرض فقد الحالة السابقة ليستفاد من ذلك العلّية التامّة للشرط، أي لعدم العلم.
أللهمّ إلّاأن يقال: إنّ انحفاظ الحالة السابقة وكونها هي الطهارة في مورد الروايات المتفرقة لا ينافي إمكان استظهار العلّية التامّة للشرط؛ باعتبار إناطة المولى للحكم في مقام البيان به دون ذكر شيءٍ آخر معه، وهذا يعني: أنّ استفادة عدم دخل شيءٍ آخر مع الشرط في إيجاد الجزاء لا تتوقّف على انعقاد إطلاقٍ للشرطية لفرض فقد ذلك الشيء الآخر ليقال بعدم مثل هذا الإطلاق في المقام. بل إنّ نفس إناطة الحكم في الشرطية بشرطٍ وعدم تقييد الشرط بشيءٍ آخر بالواو يدل على عدم دخل الشيء الآخر؛ لأصالة التطابق بين مقام الإثبات ومقام الثبوت، وعليه فيستفاد من الروايات المذكورة أنّ عدم العلم بنفسه تمام الموضوع للحكم، دون دخلٍ لفرض الطهارة وتعيّنها كحالةٍ سابقةٍ في ذلك.
نعم، لا يمكن أن تضاف إلى الروايات المذكورة مثل رواية معاوية بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث، وهم يشربون الخمر، ونساؤهم على تلك الحال، ألبسها ولا أغسلها واصلّي فيها؟ قال: «نعم»[1]. ورواية عبد اللَّه بن سنان: في الثوب الذي استعاره الذمّيّ وهو يشرب الخمر ويأكل الخنزير؟ «صلِّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك، فإنّك أعرته إيّاه وهو طاهر، ولم تستيقن أ نّه نجّسه، فلا بأس أن تصلّي فيه حتّى تستيقن أ نّه نجّسه»[2].
[1] وسائل الشيعة 3: 518، الباب 73 من أبواب النجاسات، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 3: 521، الباب 74 من أبواب النجاسات، الحديث 1