وتفصيل ذلك: أنّ استفادة قاعدة الطهارة بمعناها المقصود من تلك الروايات المتفرّقة تتوقّف:
أوّلًا: على إلغاء خصوصية المورد من كونه ثوباً، أو كون النجاسة المحتملة بولًا، ونحو ذلك من الخصوصيات.
وثانياً: على إلغاء دخل الحالة السابقة، وكون الطهارة مفروضةً سابقاً في الحكم، إذ لو لم يحصل الإلغاء الأوّل لَلَزم الاقتصار على مورد الروايات، ولا يتعدّى إلى كلّ مايشكّ في طروّ النجاسة عليه. ولو لم يحصل الإلغاء الثاني لَلَزم احتمال رجوع الحكم بالطهارة إلى قاعدة الاستصحاب بدلًا عن قاعدة الطهارة نفسها.
أمّا الإلغاء الأوّل فيساعد عليه الارتكاز العرفي؛ لأنّ دخل خصوصيات مايحتمل تنجّسه، أو ما يحتمل تنجيسه على خلاف الارتكاز، فينعقد للروايات- بضمّ هذه القرينة اللبّية- إطلاق من هذه الناحية.
وأمّا الإلغاء الثاني فقد يستشكل فيه بتقريب: أنّ الروايات المتفرّقة كلّها واردة في موردٍ من المعلوم فيه أنّ الحالة السابقة هي الطهارة، وبذلك يحتمل كون الحالة السابقة دخيلةً في الحكم بالطهارة، وهذا يعني احتمال رجوع الحكم بالطهارة فيها إلى الاستصحاب دون قاعدة الطهارة. ولكن إذا استظهرنا من مثل قوله: إذا لم أكن أعلم التعليل، رجع إلى الحكم بالطهارة معلّلًا بعدم العلم، ومثل هذا اللسان التعليليّ ظاهر في أنّ عدم العلم هو تمام العلّة للحكم بالطهارة، دون مدخليةٍ للحالة السابقة وإن كانت ثابتةً في مورد الروايات. وإن لم نحمل أمثال القول المذكور على التعليل وافترضناه مجرّد اشتراطٍ فقد يقوى حينئذٍ الاستشكال المذكور، بدعوى: أنّ الشرطية إنّما يستفاد منها كون الشرط علّةً تامّة، دون دخل شيءٍ آخر معه باعتبار إطلاقها لفرض فقد ذلك الشيء الآخر، ولا يمكن في المقام