ورواية عمّار الساباطيّ أ نّه سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام عن رجلٍ يجد في إنائه فارةً وقد توضّأ من ذلك الإناء مراراً، أو اغتسل منه، أو غسل ثيابه، وقد كانت الفارة متسلّخة؟ فجاء في ذيل الجواب: أ نّه «إن كان إنّما رآها بعد مافرغ من ذلك فلا يمّس من ذلك الماء شيئاً، وليس عليه شيء؛ لأنّه لا يعلم متى سقطت فيه». ثمّ قال: «لعلّه أن يكون إنّما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها»[1]. ورواية حنان بن سدير، قال: سمعت رجلًا سأل أبا عبد اللَّه عليه السلام فقال: إنّي ربَّما بِلتُ فلا أقدر على الماء، ويشتدّ ذلك عليّ، فقال: «إذا بُلتَ وتمسّحت فامسح ذكرك بريقك، فإن وجدت شيئاً فقل: هذا من ذاك»[2]. وهذه الرواية إن حملناها على ما قبل الاستبراء فكأنّ المقصود التخلّص من محذور انتقاض الوضوء بالبلل المشتبه، ومحذور النجاسة وإن حملناها على مابعد الاستبراء فالمقصود التخلّص من محذور النجاسة، والمقصود من مسح ذكره بريقه هو مسح مكانٍ آخر غير ما لاقى البول.
وهذه الروايات وإن كانت واردةً في موارد خاصّةٍ ولكنّ المنساق من لسانها إلغاء خصوصية المورد، وأنّ مجرّد إبداء الشكّ في النجاسة كافٍ للتأمين عنها. فالإمام عليه السلام حينما يبدي أ نّه لا يبالي إذا لم يكن يعلم، أو ينفي البأس مع عدم الاستبانة، أو يبرز الشكّ في تقدّم وقوع الفارة لإثبات طهارة الشخص، أو يعلّم طريقةً لإيجاد الشكّ في النجاسة تخلصاً من لزوم الغسل يفهم العرف من كل ذلك أنّ الميزان في التأمين مجرّد عدم العلم بالنجاسة، دون نظرٍ إلى خصوصيات الموارد، وهو المعنى المطلوب من قاعدة الطهارة.
[1] وسائل الشيعة 1: 142، الباب 4 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 1: 284، الباب 13 من أبواب نواقض الوضوء، الحديث 7