وأمّا لو منع الإطلاق المقاميّ بكلا تقريبيه فالحصول على الإطلاق اللفظيّ في الروايات مشكل، وإن حاول ذلك السيّد الاستاذ في عدّة روايات[1]. منها: رواية عمّار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: أ نّه سئل عن رجلٍ ليس عليه إلّا ثوب ولا تحلّ الصلاة فيه، وليس يجد ماءً يغسله كيف يصنع؟ قال: «يتيمّم ويصلّي، فإذا أصاب ماءً غسله وأعاد الصلاة»[2]. ويرد على الاستدلال بهذه الرواية: أنّ المفروض في كلام السائل الفراغ عن نجاسة الثوب ولزوم غسله، واتّجاهه بالسؤال إلى تشخيص الوظيفة في حال العجز عن الغسل، فقول الإمام في الجواب: «فإذا أصاب ماءً غسله» ليس في مقام بيان ما هو المطهّر، بل في مقام بيان لزوم الإعادة والتدارك بعد وجدان الماء.
ومنها: رواية زرارة، قال: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره، أو شيء من منيٍّ …- إلى أن قال:- «تعيد الصلاة وتغسله»[3]. ويرد على الاستدلال بها نظير ما تقدم.
ومنها: رواية عمّار، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: في رجل قصّ أظفاره بالحديد أو جزّ من شعره أو حلق قفاه فإنّ «عليه أن يمسحه بالماء قبل أن يصلّي»، سئل:
فإن صلّى ولم يمسح من ذلك بالماء؟ قال: «يعيد الصلاة؛ لأنّ الحديد نجس»[4]. فإنّ حكمه بكفاية المسح بالماء معلّلًا بأنّ الحديد نجس يعطي أنّ طبيعة النجس تنجّس ملاقيها، وتزول نجاستها بمجرّد إصابة الماء.
[1] مدارك العروة الوثقى 2: 179- 180. والتنقيح 1: 396
[2] وسائل الشيعة 3: 485، الباب 45 من أبواب النجاسات، الحديث 8
[3] وسائل الشيعة 3: 479- 480، الباب 42 من أبواب النجاسات، الحديث 2
[4] وسائل الشيعة 3: 530، الباب 83 من أبواب النجاسات، الحديث 6