الشامل لفرض التغيّر، وإطلاق ما دلّ على نجاسة الماء بالتغيّر، وتقديم الثاني على الأوّل؛ لأنّه بأداة العموم في بعض رواياته، كرواية حريز: «كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب»[1]، والعموم الأداتيّ مقدّم على الإطلاق الحكميّ في روايات الاستنجاء.
وهذا الوجه غريب! إذ يرد عليه: أنّ طرف المعارضة مع روايات ماء الاستنجاء- على فرض دلالتها على طهارته- إنّما هو مفهوم رواية حريز، وما هو مدخول أداة العموم منطوقها، فبالعموم الوضعيّ يثبت أنّ كلّ غلبةٍ للماء على النجاسة تحفظ له طهارته، وأمّا أ نّه لا يوجد شيء آخر بدلًا عن الغلبة يحفظ هذه الطهارة فهذا من شؤون انحصار العلّة للجزاء بالشرط المصرّح به، وهذا الانحصار إنّما يستفاد من الإطلاق وعدم ذكر البدل.
وما يراد إثباته بروايات الاستنجاء ليس هو أنّ بعض أنحاء الغلبة للماء لا تحفظ الطهارة ليعارض العموم الوضعيّ في رواية حريز، بل إنّ هناك علّةً اخرى تحفظها أيضاً، وهي استعمال الماء في الاستنجاء.
هذا، مضافاً إلى إشكالٍ سَنَديٍّ في رواية حريزٍ تقدّم في بحوث الماء المتغيّر[2]، وإشكالٍ في دلالة أخبار ماء الاستنجاء على الطهارة تقدّم آنفاً[3]، إذ أوضحنا أ نّها لا تدلّ على أكثر من عدم انفعال الملاقي، وبذلك لا تعارض رواية حريز بوجه. وإنّما ينبغي إيقاع المعارضة بين إطلاق روايات الاستنجاء لحال
[1] وسائل الشيعة 1: 137، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1
[2] تقدّم في الجزء الأوّل: 224، ذيل المسألة 9
[3] تقدّم في الصفحة 175 وما بعدها