مفهوم الغسل به، أو على أساس تعبّديّ، ومعه لا يبقى في الرواية دلالة على النجاسة. ولو سلّمت دلالتها وقعت طرفاً للمعارضة، مع ما يدلّ على عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجّس.
الجهة الثانية: في الروايات المستدلِّ بها على الطهارة:
فمنها: رواية الأحول المتقدّمة، تمسّكاً بإطلاق التعليل فيها «أنّ الماء أكثر من القذر»[1] الشامل لجميع الغسالات. ويرد على ذلك: أنّ الماء في التعليل إن حُمل على العهد اختصّ بماء الاستنجاء، وتعذّر التمسّك بإطلاقه. وإن حُمل على الجنس كان دالًاّ على عدم انفعال الماء القليل مطلقاً، فتعارضه حينئذٍ جميع أدلّة الانفعال.
ومنها: خبر عمر بن يزيد، قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: أغتسل في مغتسلٍ يبال فيه ويغتسل من الجناية، فيقع في الإناء ما ينزو من الأرض، فقال:
«لا بأس به»[2]. والاستدلال بهذا الخبر غريب! لأنّ ظاهر فرض السائل كون المكان ممّايبال فيه اتّجاه نظره إلى كون القطرة لاقت الموضع المتنجّس بالبول، والملتزم بطهارة الغسالة لا يلتزم بطهارة الماء الملاقي للموضع النجس بغير نحو التطهير أيضاً، فلابدّ له أن يحمل نظر السائل على الشكّ في الملاقاة للموضع المتنجّس بالبول، فلعلّ الجواب بنفي البأس كان بلحاظ هذه الجهة، وأنّ مجرّد كون المكان يبال فيه لا يكفي للحكم بالنجاسة ما لم يحصل الجزم بالملاقاة، وحيث إنّ ملاقاة القطرة لعين النجس على بدن الجنب غير مفروضةٍ أيضاً، فلا يمكن التمسّك حينئذ
[1] وسائل الشيعة 1: 222، الباب 13 من أبواب الماء المضاف، الحديث 2
[2] وسائل الشيعة 1: 213، الباب 9 من أبواب الماء المضاف، الحديث 7