الاستدلال بالرواية المذكورة على مانعيّة الماء المستعمل عن رفع الحدث به: أنّ النهي عن الوضوء بالماء المستعمل في الرواية مخصوص بالماء الملاقي للثوب النجس، وللجنب المنجّس[1]! وإن شئت قلت: إنّ الرواية يستفاد منها أحد الأمرين: إمّا نجاسة الغسالة، وإمّا المانعية التعبّدية لها وللماء المستعمل في رفع الجنابة؛ لأنّ النهي إن كان بملاك نجاسة الماء استُفِيد الأوّل، وإن كان بقطع النظر عن ذلك استُفِيد الثاني.
فمن استظهر بقرينة الذيل اتّجاه النهي بلحاظ الأمر الأوّل تمّت دلالة الرواية عنده على نجاسة الغسالة، ومن لم يستظهر تشكَّل لديه علم إجماليّ تعبّديّ بنجاسة الغسالة، أو ببطلان الوضوء بالماء المستعمل في رفع حدث الجنابة. فالمهمّ ضعف سند الرواية.
ومنها: الأخبار الناهية عن غسالة الحمّام، وقد مثِّل لذلك برواية ابن أبييعفور، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديثٍ- قال: «وإيّاك أن تغتسل من غسالة الحمّام، ففيها تجتمع غسالة: اليهوديّ، والنصرانيّ، والمجوسيّ، والناصب لنا أهل البيت …» الحديث[2]. وروايته الاخرى: «لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمّام، فإنّ فيها غسالة ولد الزنا …، وفيها غسالة الناصب …»[3]. وهاتان الروايتان أجنبيّتان عن محلّ الكلام، بناءً على ما هو المعروف من نجاسة الكافر، فإنّ اليهوديّ والنصرانيّ والمجوسيّ والناصب نجس عيني، وليس الماء المنحدر من جسده ماءَ غسالة بالمعنى الفقهيّ المقصود في المقام، وهو
[1] التنقيح 1: 346- 347
[2] وسائل الشيعة 1: 220، الباب 11 من أبواب الماء المضاف، الحديث 5
[3] المصدر السابق: 219، الحديث 4