بالماء المستهلك فيهما. أمّا الأوّل فلاعتصامه، وأمّا الثاني فلأنّ ما دلّ على انفعال الملاقي للماء المتنجِّس لا يشمل ما تنجّس الماء بغسله.
كما أنّ العرف لا يرى تقذّر الجسم بالماء الذي تقذّر بسبب استعماله في تنظيفه، وهذا هو الفرق بين الماء المتخلّف في المغسول والماء المتنجِّس في المرتبة السابقة إذا أصاب الثوب وتخلّف فيه، فإنّه بإصابته للثوب ينجِّس الثوب.
وإن شئتم قلتم: إنّ الثوب مع ما يتخلّف فيه من رطوباتٍ لا يراه العرف موضوعين للحكم بالنجاسة والطهارة بحيث يتّصف أحدهما بالطهارة والآخر بالنجاسة؛ لاستهلاك أحدهما واندكاكه في جنب الآخر. ففي مورد التطهير حيث يعلم بأنّ الثوب يطهر بالغسل ولا ينفعل بماء الغسالة من جديدٍ تسري الطهارة إلى ما يتخلّف فيه أيضاً؛ لعدم تبعّضهما في الحكم.
فالمطهّر للرطوبات المتخلّفة ليس هو مجرّد انفصال ما انفصل، بل اندكاكها في جنب الثوب بنحوٍ يعتبرالمجموع موضوعاً واحداً- للطهارة أو للنجاسة- غيرقابلٍ للتبعّض.
وأمّا في غير مورد التطهير- كما إذا ألقينا ماءً نجساً على ثوبٍ وتخلّفت فيه رطوباته- فهو وإن كان موضوعاً واحداً غير قابلٍ للتبعّض أيضاً إلّاأنّ حكمه هو النجاسة؛ لأنّ الثوب قد انفعل بالملاقاة.
المرحلة الثانية: في الغسالة المتعقّبة بطهارة المحلّ الملاقية لعين النجس، ويتصوّر فرض هذه الغسالة في موارد عدم وجوب التعدّد، ولابدّ من ملاحظة الوجوه الثلاثة السابقة لمعرفة الحكم هنا:
أمّا الوجه الأوّل فلا إشكال في عدم جريانه في الغسالة الملاقية لعين النجس؛ لأنّ أدلّة انفعال الماء القليل إنّما كانت قاصرةً عن الشمول لملاقاة المتنجّس، لا النجس.