الغسالة، ومقتضى إطلاقه الأحواليّ عدم ارتفاع هذه النجاسة، ولو سلّم هذا فكيف يعقل أن يجعل هذا الإطلاق الأحواليّ مسوِّغاً لرفع اليد عن الإطلاق الأفراديّ الذي يكون الإطلاق الأحواليّ متفرعاً عليه؟!
رابعها: إيقاع المعارضة بين إطلاق دليل الانفعال ودليل أنّ الماء المتنجّس لا يكون مطهِّراً؛ لأنّ الجمع بين الدليلين يقتضي عدم ارتفاع النجاسة أصلًا؛ لأنّ الغسالة تتنجّس في آن الملاقاة، والنجس لايكون مطهِّراً.
والفرق بين هذا التقريب والتقريبين الأوّلين: أنّ الجمع بين الدليلين في ذينك التقريبين كان يقتضي حدوث نجاسةٍ اخرى، والجمع هنا يقتضي عدم ارتفاع النجاسة التي غسل الشيء بلحاظها.
ويرد عليه: أوّلًا: أنّ الأمر في الدليل الثاني دائر بين التخصيص والتخصّص.
وثانياً: نفي مثل هذا الدليل؛ لأنّ المراد بأنّ الماء المتنجّس لا يطهر: إن كان الماء المتنجّس بغير ما يراد تطهيره به فهو مسلّم، وغير منطبقٍ على المقام. وإن اريد ما تنجّس بنفس ما يطهر به فعدم مطهّريته أوّل الكلام؛ لأنّ عدم جواز التطهير بالمتنجّس إنّما استفيد من لسان الأمر بإراقة الماء النجس ونحوه من الألسنة، وكلّها ناظرة إلى ما هو نجس، بقطع النظر عن عملية التطهير.
ثمّ إنّ أيّ دليلٍ يقع طرفاً للمعارضة مع دليل انفعال الماء القليل إذا كان من أخبار الآحاد يقدَّم عليه دليل الانفعال، بناءً على قطعيّة سنده بتظافر الروايات الدالّة عليه.
الثالث: دعوى وجود قرينةٍ لبّيةٍ متّصلةٍ تقيّد إطلاق دليل انفعال الماء القليل بنحوٍ لا يشمل الغسالة التي نتحدّث عنها؛ وذلك لأنّ تطبيق إطلاق هذا الدليل على الغسالة المذكورة له أربعة أنحاء، وكلّها على خلاف الارتكاز: