الاستنجاء، والمتعيّن حينئذٍ الحكم بانفعال ماء الاستنجاء، إمّا على أساس دعوى: أنّ الإطلاق في دليل انفعال ماء القليل موجود، وهو مفهوم أخبار الكرّ.
وأمّا دليل انفعال الملاقي للماء النجس فليس إلّامثل موثّقة عمّار الواردة في الماء المتسلّخة فيه الفارة[1]، وروايات بَلِّ القصب بماء القذر[2] ونحوها، وهي روايات خاصّة لا إطلاق فيها للملاقي لماء الاستنجاء، فمع قطع النظر عن إلغاء الخصوصيات بالارتكاز العرفيّ يمكن القول بأنّ الإطلاق في دليل انفعال الماء موجود، وفي دليل انفعال الملاقي للماء النجس غير موجود.
وإمّا أن يعترف بوجود الإطلاق في كلٍّ من الدليلين ولو بضمّ إلغاء الخصوصيات بالارتكاز العرفي، ويقدَّم إطلاق دليل انفعال الماء القليل؛ لأنّه متحصّل من الروايات المستفيضة المقطوع بصدور بعضها إجمالًا. وأما روايات انفعال الملاقي للماء القذر فليست كذلك. وبذلك يدخل في التعارض بين قطعيّ السند وغيره، فيقدّم القطعي.
الوجه الثالث: أن يُدَّعى التلازم الارتكازيّ العرفيّ بين نجاسة الشيء ونجاسة ملاقيه، فما يدلّ على طهارة الملاقِي- بالكسر- يدلّ بالالتزام العرفيّ على طهارة الملاقى- بالفتح-. ولهذا يستفاد- مثلًا- طهارة العقرب من لسان الحكم بطهارة ما لاقته، أو طهارة بول الخفّاش من لسانٍ مماثل.
ويرد عليه: أنّ هذه الدلالة الالتزامية الارتكازية إنّما يتّجه التمسّك بها في مثل لسان الحكم بطهارة ما لاقى العقرب؛ لعدم التدافع في ذلك المورد، وأمّا في المقام فهناك تدافع؛ لأنّ ارتكاز التلازم بين الملاقِي والملاقَى في النجاسة كما
[1] وسائل الشيعة 1: 142، الباب 4 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 3: 454، الباب 30 من أبواب النجاسات، الحديث 2 و 5