جملةٍ من المتقدّمين لا تخلو من إشكال؛ لأنّهم عبّروا بنفس مفاد الروايات المناسب للعفو أيضاً.
وثالثها: النجاسة، لكن مع العفو، بمعنى عدم انفعال الشيء بملاقاته.
ورابعها: النجاسة مع العفو بلحاظ سائر الآثار.
والمتيقّن من النصوص: هو العفو بلحاظ عدم انفعال الملاقي، وهي عديدة لابدّ من ملاحظتها:
فمنها: رواية الأحول، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام- في حديثٍ- قال: الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى به، فقال: «لا بأس»، فسكت، فقال:
«أو تدري لم صار لا بأس به؟» قال: قلت: لا واللَّه، فقال: «إنّ الماء أكثر من القذر»[1]. ومورد السؤال هو الثوب استظهاراً أو إجمالًا، وليس الماء، فلا يكون نفي البأس دالًاّ بالمطابقة على طهارة الماء، بل على طهارة الثوب، وقد علّل ذلك بأكثرية الماء، وبعد حمل الأكثرية على الأكثرية المساوقة للقاهرية وعدم التغيّر يرجع إلى تعليل طهارة الثوب بأنّ الماء ليس بمتغيّر، وارتكازية انفعال الماء القليل في الجملة- التي صارت منشأً لاستغراب السائل من طهارة الثوب واحتياجه إلى التفسير- تصلح بنفسها قرينةً لحمل «اللام» في قوله: «إنّ الماء أكثر» على الماء المنظور، وهو ماء الاستنجاء، لا طبيعيّ الماء. فينتج: أنّ ماء الاستنجاء غير المتغيّر لا ينفعل به الثوب، وهذا وحده لا يكفي لإثبات طهارة ماء الاستنجاء ما لم تضمّ عناية زائدة- على ما سيأتي إن شاء اللَّه تعالى- لاحتمال أن يكون نجساً غير منجِّس.
[1] انظر وسائل الشيعة 1: 222، الباب 13 من أبواب الماء المضاف، الحديث 2