وبعد عدم الالتزام بها في الماء المستعمل القليل لا يبقى في الرواية دلالة على إثبات محذورٍ آخر.
ومنها: روايات النهي عن الاغتسال من غسالة ماء الحمّام المشتملة على تعليل ذلك: بأ نّه يغتسل به الجنب، وولد الزنا، والناصب[1]. ويرد على الاستدلال بها: أنّ ظاهر هذه الروايات النظر إلى محذور النجاسة، لا محذور الماء المستعمل؛ لوضوح أنّ غسالة غسل الجنب تستهلك في بئر الغسالات، ومع الاستهلاك يكون بقاء المانعية على خلاف الارتكاز العرفي، الأمر الذي يوجب صرفه إلى النجاسة، أو إلى محذورٍ تنزّهي، كما يناسبه عطف ولد الزنا الذي لا إشكال في عدم نجاسته.
وقد يستدلّ على الجواز برواية عليّ بن جعفر السابقة، بنحوٍ تكون قرينةً على حمل روايات عدم الجواز على الكراهة جمعاً لو تمّت دلالتها، إذ جاء فيها قوله: «وإن كان في مكانٍ واحدٍ وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه، فإنّ ذلك يجزيه»[2]. ويرد على الاستدلال بها:
أوّلًا: أنّ السائل فرض في صدر الرواية عدم وجود ماءٍ آخر، حيث قال:
«سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع، أيغتسل منه للجنابة، أو يتوضّأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره؟». فلا يمكن التعدّي إلى صورة الاختيار.
ودعوى: أنّ عدم وجدان ماءٍ آخر لا يعني العجز عن الغسل الذي يتفادى فيه استعمال الماء المستعمل، ولو بالاقتصار على مرتبة التدهين، فلو لم يجز
[1] وسائل الشيعة 1: 219، الباب 11 من أبواب الماء المضاف، الحديث 1
[2] وسائل الشيعة 1: 216، الباب 10 من أبواب الماء المضاف، الحديث 1