الأمر الأوّل عرفاً كونه استطراقاً إلى تحقيق الأمر الثاني، وكون النظر بتمامه في الجواز متّجهاً إلى طهارة الجسم بنكتة أنّ أعضاء التوضّؤ ليست ممّا تكون نظيفةً تارةً ونجسةً اخرى، بل فرض الوضوء يستبطن عادةً فرض الطهارة؛ لكونها شرطاً مقوّماً فيه، فإبرازها بعد افتراضه يكون قرينةً على اتّجاه النظر نحوها. وإنّما ذكر المتوضّئ دون المغتسل لغلبة تحقّق الطهارة في المتوضّئ، وغلبة عدمها في الجنب المغتسل. وإن لم يكن هذا هو مقتضى ظهور الذيل فهو محتمل على الأقلّ بدرجةٍ توجب إجمال الصدر بالاتّصال بما يحتمل قرينيّته.
هذا هو المهمّ في المناقشة، دون دعوى منع إطلاق ما يغتسل به من الجنابة لصورة طهارة الماء؛ لأنّ التطهير من الخبث يقع خارجاً، وفي الأخبار البيانية بداية لعملية الغسل.
إذ يرد عليها: أنّ عدم انفصال التطهير عن الغسل لا يلازم اجتماع الغسالتين، خصوصاً إذا اريد الاحتفاظ بالماء المستعمل.
ودون دعوى: أنّ المنصرف ارتكازاً من جهة المنع هي النجاسة؛ لأنّ مانعية الاستعمال بدون فرض النجاسة ليست أمراً عرفياً.
إذ يرد عليها: أنّ عدم عرفيتها في نفسها لا يستدعي عدم عرفية استعمالها في عصر صدور النصوص؛ لشيوع الفتوى بين علماء العامّة في ذلك العصر بأنّ الماء المستعمل طاهر وليس بمطهِّر.
وأمّا سند الرواية فقد ورد فيه أحمد بن هلال ممّن قد يوجب وهنه، ولعلّ أوجه طريقٍ إلى تصحيحه أن يقال: بأنّ غاية ماورد فيه ذمّه وثبوت انحرافه، وهو لا ينافي الوثاقة في الرواية، فيمكن حينئذٍ إثبات وثاقته بوروده في أسانيد كامل الزيارات، بناءً على ما ذهب إليه السيّد الاستاذ[1] من توثيق تمام من يقع في هذه
[1] معجم رجال الحديث 1: 50، المقدّمة الثالثة