تفويت الغرض من قبل غير المخاطب.
الثاني: أنّ الخطاب المتوجّه إلى المباشر يدلّ بالدلالة الالتزامية العرفية على عدم رضا المولى بالتسبيب إلى ايقاعه من المباشر، فإنّ المولى إذا وجَّه خطابه إلى أحد مأموريه قائلًا: «لا تدخل عليّ» يفهم العرف من ذلك منع الآخرين من إدخاله، وهذه استفادة عرفية صحيحة في بعض مراتب التسبيب بلا إشكال.
هذا كلّه على مقتضى القاعدة.
وأمّا بلحاظ الروايات الخاصّة فقد ورد في روايات[1] بيع الدهن المتنجّس الأمر بالإعلام ليستصبح به المشتري، ويستفاد من ذلك: أنّ تسليط الغير على مالٍ نجسٍ يكون مَعْرَضاً لانتفاعه به في ما هو مشروط بالطهارة واقعاً لا يجوز بدون إعلامٍ بنجاسته؛ لأنّ التسليط في هذه الحالة بدون إعلامٍ نحوٌ من التسبيب، وقد لا تكون هذه المرتبة من التسبيب داخلةً في الدلالة الالتزامية العرفية للخطاب المتوجّه نحو المباشر، ولكنّها- على أيّ حالٍ- غير جائزةٍ بلحاظ الروايات الخاصّة.
ويمكن الاستئناس لحرمة التسبيب بما ورد من الأمر بإراقة المرق ونحوه إذا تنجّس، إذ لو كان إعطاء النجس للغير جائزاً لكان هذا من وجوه الانتفاع به، مع أنّ الأمر بالإراقة إرشاد إلى عدم صلاحيته للانتفاع به بوجه.
نعم، هذا إنّما يتمّ إذا قيل بأنّ الأمر بالإراقة إرشاد إلى عدم صلاحيته لمطلق الانتفاع، لا إلى عدم صلاحيته لمباشرته في مقام الانتفاع، وإلّا لَما دل على تحريم التسبيب. وكذلك لا يدلّ على تحريم التسبيب لو قيل بإجمال الأمر
[1] وسائل الشيعة 17: 97، الباب 6 من أبواب ما يكتسب به