فمن الواضح دلالته حينئذٍ على حرمة تناول الطعام المتنجّس بالمتنجّس، وإذا حملنا النهي على التنزّه فلا يخلو أيضاً من نحو دلالةٍ على كبرى حرمة الطعام المتنجّس بالمتنجّس، ويكون بصدد التنزيه عن محتملات ذلك المحذور.
الطائفة الثانية: ما دلّ على النهي عن الأكل في أواني الكفّار قبل غسلها[1]. ودلالة هذه الطائفة لا تتوقّف على فرض عدم النجاسة الذاتية للكافر؛ لأنّ الإناء- على أيِّ حالٍ- تنجّس، فالأكل فيه أكل من الطعام المتنجّس بالمتنجّس.
الطائفة الثالثة: ما دلّ على النهي عن الأكل في أواني الخمر والميتة الموجودة لدى الكفّار[2]، والكلام فيها هو الكلام في الطائفة الثانية.
[حرمة التسبيب إلى شرب الغير للنجس:]
الجهة الثانية:
في حرمة التسبيب إلى شرب الغير للنجس مع كون الغير مكلّفاً في الواقع، فإن كان التكليف منجّزاً على الغير بالوصول فلا إشكال في عدم جواز التسبيب المذكور؛ لأنّه إعانة على المعصية، وإن لم يكن منجّزاً فهناك مجال للبحث في جواز التسبيب وعدمه.
والكلام في ذلك: تارةً يقع بلحاظ مقتضى القاعدة، واخرى بلحاظ الروايات الخاصّة، ونقصد بالقاعدة: التكلّم على ضوء نفس الخطابين الواقعيّين بالاجتناب عن النجس، المتوجّهين إلى المسبِّب- بالكسر- والمباشر.
أمّا الكلام في ما تقتضيه القاعدة بلحاظ الخطاب المتوجّه إلى المسبّب فقد يقال: إنّ هذا الخطاب يقتضي حرمة التسبيب، إذ أنّ النهي عن شيءٍ كما يشمل
[1] وسائل الشيعة 24: 210، الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 2
[2] وسائل الشيعة 24: 210، الباب 54 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 3