مردّدةً بين الوجدان والأصل، ففي مثل ذلك يعلم بسقوط الاخرى وجداناً: إمّا لوجود المعارض على تقدير وجدانيّتها، وإمّا لوجود الحاكم على تقدير تعبّديتها.
أمّا الاولى فلا يعلم بسقوطها، وإنّما يشكّ في ذلك؛ للشكّ في وجود المعارض لها؛ لاحتمال وجدانية البيّنة الاخرى، وكلّ أمارةٍ لم يحرز معارض لها تكون حجّة:
إمّا تمسّكاً بإطلاق دليل حجّيتها ابتداءً، بدعوى: أنّ الخارج من الإطلاق بحكم العقل صورة العلم بالمعارض دون وجوده الواقعيّ المجهول. وإمّا تمسّكاً باستصحاب عدم المعارض إذا قيل بتقيّد الموضوع في دليل الحجّية بعدم المعارض الواقعيّ، بناءً على المختار من أنّ الأحكام الظاهرية الواقعة في مرتبةٍ واحدةٍ متنافية بوجودها الواقعيّ ولو لم تصل. وعليه فتكون البيّنة الاولى المحرزة وجدانيّتها هي الحجّة.
الصورة الثانية: أن تكون إحداهما معلومةَ التعبّدية، والاخرى مردّدةً بين التعبّد والوجدان. وقد يتوهّم هنا جريان ما قلناه في الصورة السابقة، بدعوى: أنّ معلومة التعبدية ساقطة على كلّ حالٍ جزماً: إمّا للمعارض، وإمّا للحاكم، ولا علم بسقوط البيّنة الثانية؛ لعدم إحراز المعارض لها، فتكون حجة.
ولكنّ التحقيق: عدم صحّة ذلك؛ لأنّ البيّنة الثانية إن كانت وجدانيةً فنحن نتمسّك في الحقيقة لإثبات مفادها بإطلاق دليل حجّية البيّنة. وإن كانت تعبّديةً مستندةً إلى الاستصحاب فهي شهادة بصغرى الاستصحاب، وهي الحالة السابقة، ونحن نتمسّك- بعد إحراز الصغرى تعبّداً- بإطلاق دليل الاستصحاب للتعبّد ببقاء الحالة السابقة. فالأمر مردّد إذن بين إطلاقين، وإطلاق دليل الاستصحاب يعلم بسقوطه وجداناً؛ لأنّ البيّنة الثانية إن كانت تعبّديةً فالاستصحابان متعارضان، وإن كانت وجدانيةً فلا موضوع للاستصحاب.
وأمّا إطلاق دليل حجّية البيّنة فهو غير معلوم السقوط، فالأمر يدور بين