حجّيتهما معاً تثبت حالتان سابقتان مختلفتان، ولا محذور في ذلك، وبهذا يتحقّق الموضوع لاستصحابين متعارضين، وهو يؤدّي إلى تساقطهما.
فالتساقط على هذا الضوء بين الاستصحابين اللذَين يجريهما المكلَّف بعدإحراز موضوعيهما بالبينة. وأمّا على المعروف فالتساقط بين البيّنتين لاالاستصحابين.
ويظهر الأثر العمليّ فيما إذا كانت للمكلَّف حالة سابقة وجدانية هي النجاسة مثلًا، فعلى المعروف من إيقاع التساقط بين نفس البيّنتين لا مانع بعد تساقطهما من الرجوع إلى استصحاب النجاسة المحرزة وجداناً في السابق. وأمّا على المختار من عدم التعارض بين البيّنتين وإيقاع التساقط بين الاستصحابين فسوف يكون استصحاب الطهارة معارضاً باستصحاب النجاسة، وبعد التعارض يرجع إلى أصالة الطهارة.
ثمّ إنّه إذا كانت الحالة السابقة الملحوظة في إحدى البيّنتين محدّدةً زماناً دون الاخرى دخل- على المختار- في مجهول التأريخ ومعلومه، فعلى القول بالتفصيل يجري استصحاب الحالة السابقة المحدّدة بدون معارض.
ولا فرق في كلِّ ما ذكرناه من التفصيل بين البناء على أنّ الشهادة التعبّدية شهادة بالتعبّد، أو شهادة بالواقع استناداً إلى التعبّد بعد استظهار الطريقية من حجّية البيّنة.
وحيث عرفنا- في ضوء ما تقدم- أنّ بيّنة الوجدان تُقدَّم على بينة الأصل بالنحو الذي حقّقناه في القسم الأوّل احتجنا إلى علاج نقطةٍ مهمّة، وهي تحديد الموقف فيما إذا تردّد أمر البيّنة بين أن تكون وجدانيةً أو تعبّدية. وهذا التردّد له ثلاث صور:
الصورة الاولى: أن تكون إحدى البينتين معلومةَ الوجدانية، والاخرى