ومنها: رواية بكر بن حبيب المتقدّمة[1]، حيث ورد فيها النهي عن السؤال من بائع الجبن، وهو يكشف عن وجوب القبول، وإلّا لم يكن موجب للنهي عن السؤال.
وهذا الاستدلال غير تامٍّ؛ وذلك لأنّ النهي عن السؤال يحتمل فيه أربعة احتمالات:
الأوّل: أن يكون فراراً عن مغبّة السؤال حيث يستتبع الجواب، وقد يكون الجواب شهادةً بالنجاسة.
الثاني: أن يكون النهي عن السؤال من باب النهي في مورد توهّم الوجوب، إذا يتوهّم وجوب الفحص وعدم إمكان إجراء الاصول المؤمِّنة بدونه، فينهى عن ذلك، فلا يدلّ إلّاعلى عدم الوجوب. كما أنّ الأمر في مورد توهّم الحظر لا يدلّ إلّا على عدم الحرمة.
الثالث: أن يكون النهي إرشاداً إلى أنّ حجّية يد المسلم ليست مشروطةً بصدور الإخبار من قبله، فهو نهي في مورد توهّم الوجوب الشرطي لصدور الإخبار من صاحب اليد، وكونه دخيلًا في حجّية يده.
الرابع: أن يكون صدور الإخبار من صاحب اليد على خلاف مقتضى يده من الحلّيّة والطهارة مسقطاً لحجّية اليد، فالنهي تحذير من أن يصدر من صاحب اليد مايسقط يده عن الحجّية، وهذا أجنبيّ عن حجّيّة خبر صاحب اليد، إذ فرق بين أن يكون خبر صاحب اليد حجّةً، وبين أن تكون حجّية يده في موردها مشروطةً بعدم الإخبار منه على خلافها. والثاني مسلَّم، والأوّل هو محلّ الكلام فعلًا.
[1] وسائل الشيعة 25: 118، الباب 61 من أبواب الأطعمة المباحة، الحديث 4