ثانيها: الروايات الظاهرة في لزوم الاعتماد على خبر صاحب اليد:
فمنها: روايات بيع الدهن المتنجّس، التي ورد في بعضها الأمر بالإعلام لكي يستصبح به[1]. والاستدلال بها: إمّا بتقريب أنّ الأمر بالإخبار يستلزم الأمر بالقبول، وإلّا كان لغواً. وإمّا بتقريب أنّ الأمر بالإخبار المعلّل في رواية معاوية بن وهب المتقدّمة[2] بقوله: «يستصبح به» ظاهر في المفروغية عن جري المشتري على طبق إخبار البائع، ولا موجب للفراغ عن ذلك إلّاحجّية إخباره.
ويرد على التقريب الأوّل: أنّ الأمر بالإخبار ليس لَغْواً، حتّى مع فرض عدم وجوب القبول، إذ لعلّه بنكتة الخروج عن نحوٍ من العهدة تفترض على البائع في أمثال المقام، كما يجب عليه الإخبار بالأوصاف الرديئة المخفيّة.
ويرد على التقريب الثاني: أنّ الرواية لا تدلّ على الحجّية التعبّدية؛ لأنّها لم تكن مسوقةً لبيان قبول المشتري لإخبار البائع، وإنّما هي مسوقة لأمر البائع بالإخبار، وقد فهم الفراغ عن قبول المشتري من قوله: «ليستصبح به»، فلا يمكن التمسّك بإطلاق الرواية لإثبات أنّ المشتري عليه القبول مطلقاً، بل يكفي افتراض القبول في موارد حصول الاطمئنان، وهو الغالب في مثل إخبار البائع برداءة المبيع.
ومن هنا قد يناقش أيضاً في الاستدلال بالرواية: بأنّ موردها الإخبار الذي يكون نحواً من الإقرار من صاحب اليد، والتعدّي من الإخبارات الشبيهة بالإقرار إلى غيرها غير ممكن.
[1] وسائل الشيعة 17: 97، الباب 6 من أبواب ما يكتسب به
[2] وسائل الشيعة 24: 194، الباب 43 من أبواب الأطعمة المحرّمة، الحديث 1 وذيله