تمليك المال لزيد، لا كون زيدٍ هو المالك الأصلي للمال، فليس المقام شبيهاً بالإقرار بالطلاق من قبل وكيل الزوج، فإنّ الوكيل مسلَّط على الطلاق المقرِّ به، فيكون إقراره به نافذاً.
ورغم المناقشة في المحاولتين السابقتين فنحن لا نشكّ في انعقاد السيرة على قبول خبر صاحب اليد في الطهارة والنجاسة بنكتةٍ نوعيةٍ، وهي «الأخبرية»، ولهذا تشمل السيرة سائر الخصوصيات التي يكون مقتضى الطبع أخبرية صاحب اليد- بما هو صاحب اليد- بها من غيره، وبهذا يكون الميزان في تطبيق دليل الحجّية لخبر صاحب اليد هو انحفاظ هذه النكتة، دون صدق عنوان صاحب اليد بما هو، كما لوكان مدلولًا لدليلٍ لفظي.
ومع الجزم بانعقاد السيرة بنكتة «الأخبرية» لا حاجة إلى الاستدلال على ثبوتها بما قد يقال من انعقاد السيرة على تصديق الشخص المكلّف بغسل الثياب في غسلها، وانعقادها على تصديق الحجّام المكلّف بغسل موضع الحجامة في إجادة غسله، وانعقادها على تصديق صاحب البيت في طهارة أوانيه، مع العلم الإجماليّ بعروض النجاسة عليها في وقتٍ ما، الأمر الذي يقتضي جريان استصحاب النجاسة لولا حجّية خبر صاحب اليد.
وكلّ هذه الاستدلالات مخدوشة، لأنّ وجه السيرة في هذه الموارد لا ينحصر في حجّية خبر صاحب اليد في الطهارة والنجاسة بعنوانه، إذ لعلّ ملاك السيرة في المورد الأوّل دخوله في تصديق الأمين، ولعلّ ملاكها في المورد الثاني- مضافاً إلى ذلك- إجراء أصالة الصحّة؛ لأنّ أصل الغسل محرز، والشكّ في صحّته. ولعلّ ملاكها في المورد الثالث كونه من موارد توارد الحالتين غالباً، فكما يعلم إجمالًا بالنجاسة في وقتٍ ما يعلم بوصول الماء إليها في وقتٍ ما أيضاً، فتجري أصالة الطهارة بعد سقوط الاستصحابين.