السيرة على حجّية خبر الثقة؛ لأنّها بنفسها خبر الثقة، فلو ردعت عن السيرة لزم منه أن تردع عن نفسها، فيلزم من حجّيتها عدم حجّيتها.
وهذا الجواب أغرب ما قيل في المقام! لأنّ المدّعى ردع خبر مسعدة عن العمل بالخبر في الشبهات الموضوعية، وخبر مسعدة نفسه خبر في الشبهة الحكمية، لا الموضوعية، فلا يشمله الردع.
الرواية الثانية: رواية عبد اللَّه بن سليمان الواردة في الجبن: «كلّ شيءٍ لك حلال حتّى يجيئك شاهدان يشهدان أنّ فيه ميتة»[1]. وجملة من المناقشات في رادعية خبر مسعدة عن السيرة لا تأتي في المقام إلّاأ نّها تختصّ بمناقشةٍ اخرى، وهي ورودها في موردٍ مخصوص، فيتوقّف إثبات الردع بها على إلغاء خصوصية المورد بالفهم العرفيّ، ومع ذلك لا يمكن التعويل عليها؛ لضعف سندها، حيث لم يثبت توثيق عبد اللَّه بن سليمان راوي الرواية، وكذلك بعض من تقدّمه في سلسلة السند.
ثانيها[2]: سيرة أصحاب الأئمة عليهم السلام على الرجوع إلى الروايات، والاعتماد عليها في مقام التعرّف على الحكم الشرعي.
وقد أثبتنا في الاصول[3] بقرائن وتقريباتٍ خاصّةٍ ثبوت هذه السيرة على العمل بالأخبار في مقام الاستنباط، وأمّا انعقادها على العمل بالخبر في الموضوعات على الإطلاق فلا دليل عليه.
ثالثها: الكتاب الكريم، وأهمّ ما استدلّ به من الكتاب على الحجّية: آية
[1] وسائل الشيعة 25: 118، الباب 61 من أبواب الأطعمة المباحة، الحديث 2
[2] أي: ثاني أدلّة حجّية الخبر في الشبهة الحكمية
[3] بحوث في علم الاصول 4: 240- 241