بوجوه:
الأوّل: أنّ الرواية ضعيفة السند، فهي لا توجب ثبوت الردع.
فإن قيل: إنّ احتمال صدقها يوجب على الأقل احتمال الردع، وهو كافٍ لإسقاط السيرة عن الحجّية؛ لتوقّف حجّيتها على الجزم بالإمضاء الموقوف على الجزم بعدم الردع.
قلنا: إنّ عدم الردع قبل الإمام الصادق عليه السلام في صدر الإسلام محرز؛ لعدم نقل ما يدلّ على الردع، ويكشف ذلك عن الإمضاء حدوثاً، فإذا أوجب خبر مسعدة عن الصادق الشكّ في نسخ ذلك الإمضاء الثابت في أوّل الشريعة جرى استصحابه.
الثاني: أنّ الرواية حتّى لو صحّ سندها لا تكفي لإثبات الردع؛ لأنّ مستوى الردع يجب أن يتناسب مع درجة قوة السيرة وترسّخها، ومثل هذه السيرة على العمل بخبر الثقة لو كان الشارع قاصداً ردعها ومقاومتها لصدرت بيانات عديدة من أجل ذلك كما صدر بالنسبة إلى القياس؛ لشدّة ترسّخ السيرة العقلائية على العمل بخبر الثقة وتركّزها، ولما اكتفى بإطلاق خبرٍ من هذا القبيل.
الثالث: أن تحمل البيّنة في الخبر على المعنى اللغوي، أي مطلق الكاشف، فلا تكون الرواية رادعة، بل يكون دليل حجّية الخبر محقّقاً مصداقاً للبيّنة.
وهذا بعيد؛ نظراً إلى صدور الرواية في عصر الإمام الصادق عليه السلام، الذي كان المعنى الاصطلاحيّ للبيّنة- وهو شهادة عدلين- قد شاع فيه وتركّز في أذهان المتشرّعة.
وممّا يؤكّد استظهار المعنى الاصطلاحيّ: أ نّه بناءً عليه يتمّ التقابل بين «يستبين لك» و «تقوم به البيّنة». وأمّا على الحمل على المعنى اللغويّ فلا تقابل، بل يدخل الثاني في الأوّل، إلّابإعمال عنايةٍ بحمل الاستبانة على ظهور الشيء