مستوى المعيشة معناه: أن يكون المال موجوداً لدى أفراد المجتمع ومتداولًا بينهم إلى درجة تتيح لكلّ فرد العيش في المستوى العامّ، أي أن يحيا جميع الأفراد مستوىً واحداً من المعيشة، مع الاحتفاظ بدرجات داخل هذا المستوى الواحد تتفاوت بموجبها المعيشة، ولكنّه تفاوت درجة، وليس تناقضاً كلّياً في المستوى، كالتناقضات الصارخة بين مستويات المعيشة في المجتمع الرأسمالي.
وهذا لا يعني أنّ الإسلام يفرض إيجاد هذه الحالة من التوازن في لحظة، وإنّما يعني جعل التوازن الاجتماعي في مستوى المعيشة هدفاً تسعى الدولة في حدود صلاحيّاتها إلى تحقيقه والوصول إليه بمختلف الطرق والأساليب المشروعة التي تدخل ضمن صلاحيّاتها.
وقد قام الإسلام من ناحيته بالعمل لتحقيق هذا الهدف بضغط مستوى المعيشة من أعلى بتحريم الإسراف، وبضغط المستوى من أسفل بالارتفاع بالأفراد الذين يحيون مستوىً منخفضاً من المعيشة إلى مستوى أرفع، وبذلك تتقارب المستويات حتّى تندمج أخيراً في مستوى واحد قد يضمّ درجات، ولكنّه لا يحتوي على التناقضات الرأسماليّة الصارخة في مستويات المعيشة.
وفهمنا هذا لمبدأ التوازن الاجتماعي في الإسلام يقوم على أساس التدقيق في النصوص الإسلاميّة الذي يكشف عن إيمان هذه النصوص بالتوازن الاجتماعي كهدف، وإعطائها لهذا الهدف نفس المضمون الذي شرحناه، وتأكيدها على توجيه الدولة إلى رفع معيشة الأفراد الذين يحيون حياة منخفضة تقريباً للمستويات بعضها من بعض؛ بقصد الوصول أخيراً إلى حالة التوازن العامّ في مستوى المعيشة.
فقد جاء في الحديث: أنّ الإمام موسى بن جعفر عليه السلام ذكر بشأن تحديد