بناء المجتمع ونظامه، وفقاً للقانون الديالكتيكي، القائل: إنّ التغيّرات الكمّية التدريجية تتحوّل إلى تغيّر كيفي آني. وهكذا حاولت الماركسية أن تجعل من المجال التأريخي- عن طريق ماديتها التأريخية- حقلًا خصباً لقوانين الديالكتيك العامّة.
ولنقف لحظة لنتبيّن مدى التوفيق الذي أحرزته الماركسية في ديالكتيكها التأريخي. إنّ الماركسية استطاعت أن تجعل من طريقتها في التحليل التأريخي طريقة ديالكتيكية إلى حدٍّ ما، ولكنّها تناقضت في النتائج التي انتهت إليها مع طبيعة الديالكتيك، وبهذا كانت ديالكتيكية في طريقتها، ولم تكن كذلك في مضمونها النهائي ونتائجها الحاسمة، كما سنرى.
أ- ديالكتيكية الطريقة:
لم تقتصر الماركسية على الطريقة الديالكتيكية في البحث التأريخي، بل اتّخذتها شعاراً لها في بحوثها التحليلية لكلّ مناحي الكون والحياة، كما مرّ في (فلسفتنا)[1]. غير أ نّها لم تنجُ بصورة نهائية من التذبذب بين تناقضات الديالكتيك وقانون العلّية.
فهي بوصفها ديالكتيكية تؤكّد: أنّ النموّ والتطوّر ينشأ عن التناقضات الداخلية، فالتناقض الداخلي هو الكفيل بأن يفسّر كلّ ظاهرة من ظواهر الكون دون حاجة إلى قوّة أو علّة خارجية.
ومن ناحية اخرى تعترف بعلاقة العلّة والمعلول، وتفسّر هذه الظاهرة أو
[1] راجع( فلسفتنا)، مبحث: الديالكتيك أو الجدل