فالأساس الأوّل للضمان لا يقتضي أكثر من ضمان إشباع الحاجات الحياتيّة والملحّة للفرد، بينما يزيد الأساس الثاني على ذلك، ويفرض إشباعاً أوسع ومستوى أرفع من الحياة.
والدولة يجب أن تمارس الضمان الاجتماعي في حدود إمكاناتها على مستوى كلٍّ من الأساسين.
ولكي نحدّد فكرة الضمان في الإسلام يجب أن نشرح هذين الأساسين ومقتضياتهما وأدلّتهما الشرعيّة.
الأساس الأوّل للضمان الاجتماعي:
فالأساس الأوّل للضمان الاجتماعي: هو التكافل العامّ، والتكافل العامّ هو المبدأ الذي يفرض فيه الإسلام على المسلمين كفاية كفالة بعضهم لبعض، ويجعل من هذه الكفالة فريضة على المسلم في حدود ظروفه وإمكاناته يجب عليه أن يؤدّيها على أيّ حال كما يؤدّي سائر فرائضه.
والضمان الاجتماعي الذي تمارسه الدولة على أساس هذا المبدأ للتكافل العامّ بين المسلمين يعبّر في الحقيقة عن دور الدولة في إلزام رعاياها بامتثال ما يُكلّفون به شرعاً، ورعايتها لتطبيق المسلمين أحكام الإسلام على أنفسهم.
فهي بوصفها الأمينة على تطبيق أحكام الإسلام، والقادرة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مسؤولة عن أمانتها، ومخوّلة حقّ إكراه كلّ فرد على أداء واجباته الشرعيّة، وامتثال التكاليف التي كلّفه اللَّه بها. فكما يكون لها حقّ إكراه المسلمين على الخروج إلى الجهاد لدى وجوبه عليهم كذلك لها حقّ إكراههم على القيام بواجباتهم في كفالة العاجزين إذا امتنعوا عن القيام بها. وبموجب هذا الحقّ يتاح لها أن تضمن حياة العاجزين وكالةً عن المسلمين، وتفرض عليهم في حدود