(8) حكم العيون النابعة في الأرض المملوكة
الرأي الفقهي المشهور يرى: أنّ العيون النابعة بطبيعتها في أرض شخص تعتبر ملكاً له؛ لأنّها نماء في ملكه، ولأجل ذلك عدّ الشيخ الطوسي هذا القسم من المصادر الطبيعيّة المكشوفة للماء موضعاً للخلاف، فقال: «وأمّا المختلف في كونه مملوكاً فهو كلّ ما نبع في ملكه من بئر أو عين فقد اختلف فيه على وجهين، أحدهما: أ نّه مملوك، والثاني: أ نّه ليس مملوكاً»[1].
والواقع أ نّا لا نجد دليلًا من نصوص الكتاب والسنّة على الملكيّة، ولعلّ أقوى ما يستدلّ به أنصار القول بالملكيّة هو: أنّ العين نماءٌ في ملكه، والنصوص الشرعيّة تدلّ على أنّ نماء المال يتبع أصله في الملكيّة[2].
والجواب على هذا الدليل: أنّ العين ليست في الحقيقة نماءً في ملكه، بمعنى كونها ثمرة لمال يملكه ليملك الثمرة بملكيّته للأصل، وإنّما هي ثروة في جوف ثروة، فحالها حال الظرف والمظروف، لا الشجرة والثمرة، وملكيّة الظرف لا تستدعي ملكيّة المظروف.
وعلى هذا الضوء نعرف: أنّ الرأي الفقهي المشهور القائل بالملكيّة إنّما
[1] المبسوط 3: 282
[2] راجع وسائل الشيعة 18: 19- 20، الباب 8 من أبواب الخيار، الحديث 1 و 3