كانت ملكاً لمن أسلم عليها من أصحابها فلا مبرّر لفرض الخراج عليهم، وإذا كانت حقّاً لهم مع بقائها على ملكيّة الإمام فله فرض الطسق عليهم. وهذا الفارق العملي لا موضع له في السيرة النبويّة؛ لأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يعفو عن الطسق، فلا يمكن أن يعتبر عدم أخذ الطسق دليلًا على الملكيّة الخاصّة لرقبة الأرض.
وهكذا يتّضح: أنّ هذا التفصيل في الأرض التي أسلم عليها أهلها طوعاً بين العامر قبل تشريع ملكيّة الإمام، وبين العامر بعده وإن كان لا يخلو عن وجاهة من ناحية فقهيّة، إذا لم يحلْ دون الأخذ به الإجماع على خلافه.
بل بالإمكان توسيع نطاق الفكرة في هذا التفصيل- إذا صحّت- وتعميمها على كلّ الأراضي التي أسلم عليها أهلها، وذلك بناءً على ما تقدّم في الملحق الأوّل من أنّ دليل ملكيّة الإمام للموات والأنفال يكشف عن ثبوت ملكيّة الإمام لما كان مواتاً قبل ورود الدليل أيضاً، فإنّ هذا يعني أنّ أيّ أرض يحييها الكافر تعتبر رقبتها ملكاً للإمام، وللمحيي فيها حقّ الإحياء، وأدلّة حفظ الإسلام للمال لا تقتضي حقّاً جديداً لمن أسلم على أرضه، بل احتفاظه بالحقّ السابق.