والاشتراكية هي نفي النفي (التركيب) … فبإمكاننا أن نسأل ماركس: هل سوف تكفّ قصّة الاطروحة والطباق والتركيب عن العمل بعد ذلك بالرغم من قوانين الديالكتيك العامة، أو أ نّها ستستأنف ثالوثاً جديداً؟ وإذا كانت ستستمرّ فسوف تكون الملكية الاشتراكية هي الاطروحة، فما هو النقيض الذي ستلده وتنمو بالاندماج معه؟ يمكننا أن نفترض أنّ الملكية الشيوعية هي النقيض أو النفي الأوّل للاشتراكية ولكن ما هو نفي النفي (التركيب)؟
إنّ الديالكتيك سوف يبقى حائراً بإزاء تأكيد الماركسية على أنّ الشيوعية هي المرحلة العليا من التطوّر البشري.
في ضوء المادية التأريخية:
ولندرس الآن المادية التأريخية في ضوء جديد، في ضوء المادية التأريخية ذاتها. وقد يبدو غريباً لأوّل وهلة أن تكون النظرية أداة للحكم على نفسها، غير أ نّنا سنجد في ما يلي أنّ المادية التأريخية تكفي بمفردها للحكم على نفسها في مجال البحث العلمي.
إنّ المادية التأريخية لمّا كانت نظرية فلسفية عامة لتركيب المجتمع وتطوّره فهي تعالج الأفكار والمعارف الإنسانية عامة، بوصفها جزءاً من تركيب المجتمع الإنساني. فتعطي رأيها في كيفية تكوّن المعرفة الإنسانية وتطوّرها، كما تعطي رأيها في كيفية نشوء سائر الأوضاع السياسية والدينية وغيرها … ولمّا كان الوضع الاقتصادي في رأي المادية التأريخية هو الأساس الواقعي للمجتمع بكلّ نواحيه فمن الطبيعي لها أن تفسّر الأفكار والمعارف على أساسه، ولذلك نجد المادية التأريخية تؤكّد أنّ المعرفة الإنسانية ليست وليدة النشاط الوظيفي للدماغ فحسب، وإنّما يكمن سببها الأصيل في الوضع الاقتصادي. ففكر الإنسان