فالاختلاف بين الأفراد حقيقة مطلقة وليس نتيجة إطار اجتماعي معيّن.
فلا يمكن لنظرة واقعيّة تجاهلها، ولا لنظام اجتماعي إلغاؤه في تشريع أو في عمليّة تغيير لنوع العلاقات الاجتماعيّة.
هذه هي الحقيقة الاولى.
وأمّا الحقيقة الاخرى في المنطق الإسلامي لمعالجة قضيّة التوازن فهي:
القاعدة المذهبيّة للتوزيع القائلة: بأنّ العمل هو أساس الملكيّة وما لها من حقوق، وقد مرّت بنا هذه القاعدة، ودرسنا محتواها المذهبي بكلّ تفصيل في بحوث التوزيع.
لنجمع الآن هاتين الحقيقتين؛ لنعرف كيف انطلق الإسلام منهما لمعالجة قضيّة التوازن؟
إنّ نتيجة الإيمان بهاتين الحقيقتين هي: السماح بظهور التفاوت بين الأفراد في الثروة، فإذا افترضنا جماعة استوطنوا أرضاً وعمروها، وأنشأوا عليها مجتمعاً، وأقاموا علاقاتهم على أساس أنّ العمل هو مصدر الملكيّة، ولم يمارس أحدهم أيّ لون من ألوان الاستغلال للآخر فسوف نجد أنّ هؤلاء يختلفون بعد بُرهة من الزمن في ثرواتهم تبعاً لاختلافهم في الخصائص الفكريّة والروحيّة والجسديّة. وهذا التفاوت يقرّه الإسلام؛ لأنّه وليد الحقيقتين اللتين يؤمن بهما معاً، ولا يرى فيه خطراً على التوازن الاجتماعي ولا تناقضاً معه. وعلى هذا الأساس يقرّر الإسلام أنّ التوازن الاجتماعي يجب أن يفهم في حدود الاعتراف بهاتين الحقيقتين.
ويخلص الإسلام من ذلك إلى القول: بأنّ التوازن الاجتماعي هو التوازن بين أفراد المجتمع في مستوى المعيشة، لا في مستوى الدخل. والتوازن في